ولأنه يستحب تقديم أهل الفضل وأولي النهى في الصفوف بقرب الإمام لينبهوه على الغلط والسهو ولمزية شرفهم على غيرهم. ثم نقل رواية جابر بذلك عن الباقر عليه السلام (1) ثم نقل رواية أبي عبيدة (2) وتأولها بتأويل لا يخلو من البعد.
أقول: ومن ما يدل على ما اخترناه ما لا خلاف فيه بين الإمامية من قبح تقديم المفضول على الفاضل.
ونقل في الذكرى عن ابن أبي عقيل أنه قال: ولا يؤم المفضول الفاضل ولا الأعرابي المهاجر ولا الجاهل العالم. ثم قال في الذكرى: وقول ابن أبي عقيل بمنع إمامة المفضول بالفاضل ومنع إمامة الجاهل بالعالم إن أراد به الكراهة فحسن وإن أراد به التحريم أمكن استناده إلى أن ذلك يقبح عقلا، وهو الذي اعتمد عليه محققو الأصوليين في الإمامة الكبرى، ولقول الله تعالى " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " (3) وللخبرين المتقدمين في كلام ابن بابويه. انتهى. وظاهره احتمال التحريم في المسألة احتمالا قويا لمطابقة الدليل العقلي للدليل النقلي كتابا وسنة.
وتقريب الاستدلال بالآية المذكورة أنها خرجت مخرج الانكار على من يحكم بخلاف ذلك الذي هو مقتضى بديهة العقول السليمة كما يشير إليه قوله تعالى:
" فما لكم كيف تحكمون " (4).
وأما الأخبار الواردة بذلك فمنها ما رواه في الفقيه مرسلا (5) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إمام القوم وافدهم فقدموا أفضلكم " قال: " وقال علي عليه السلام (6) إن