تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٣٥٦
لما كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فيكفرون بهم ولذا ذيل الآية بقوله: " فأخذهم الله بذنوبهم "، والغرض ههنا أن يتبين لهم أنهم لم يغنهم ما كسبوا ولم ينفعهم في دفع عذاب الله ما فرحوا به من العلم الذي عندهم ولا توبتهم وندامتهم مما عملوا.
وقد صدرت الآية بفاء التفريع فقيل: " أفلم يسيروا " الخ مع الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، وكأن الكلام تفريع على قوله: " فأي آيات الله تنكرون " فكأنه لما ذمهم وأنكر إنكارهم لآياته رجع وانصرف عنهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشيرا إلى سقوطه من منزلة الخطاب وقال: إذا كانت آياته تعالى ظاهرة بينة لا تقبل الانكار ومن جملتها ما في آثار الماضين من الآيات الناطقة وهم قد ساروا في الأرض وشاهدوها فلم لم ينظروا فيها فيتبين لهم أن الماضين مع كونهم أقوى من هؤلاء كما وكيفا لم ينفعهم ما فرحوا به من علم وقوة.
قوله تعالى: " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم " الخ ضمائر الجمع في الآية - وهي سبع - للذين من قبلهم، والمراد بما عندهم من العلم ما وقع في قلوبهم وشغل نفوسهم من زينة الحياة الدنيا وفنون التدبير للظفر بها وبلوغ لذائذها وقد عد الله سبحانه ذلك علما لهم وقصر علمهم فيه، قال تعالى: " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " الروم: 7، وقال: " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم " النجم: 30.
والمراد بفرحهم بما عندهم من العلم شدة إعجابهم بما كسبوه من الخبرة والعلم الظاهري وانجذابهم إليه الموجب لاعراضهم عن المعارف الحقيقية التي جاءت بها رسلهم، واستهانتهم بها وسخريتهم لها، ولذا عقب فرحهم بما عندهم من العلم بقوله: " وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن ".
وفي معنى قوله: " فرحوا بما عندهم من العلم " أقوال أخر:
منها: أن المراد بما عندهم من العلم عقائدهم الفاسدة وآراؤهم الباطلة وتسميتها علما للتهكم فهم كانوا يفرحون بها ويستحقرون لذلك علم الرسل، وأنت خبير بأنه تصوير من غير دليل.
ومنها: أن المراد بالعلم هو علوم الفلاسفة من يونان والدهريين فكانوا إذا سمعوا بالوحي ومعارف النبوة صغروا علم الأنبياء وتبجحوا بما عندهم، وهو كسابقه على أنه
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382