تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٧
لكنهم مع ذلك يريدون أمرا يؤمنون لأجله وليس إلا الاجبار والالزام على كراهية، فهم في قولهم: لا نراك إلا بشرا مثلنا، لا يريدون إلا الاجبار، ولا إجبار في دين الله.
والآية، من جملة الآيات النافية للاكراه في الدين تدل على أن ذلك من الاحكام الدينية المشرعة في أقدم الشرائع وهى شريعة نوح عليه السلام وهو باق على اعتباره حتى اليوم من غير نسخ.
وقد ظهر مما تقدم ان الآية، أعني قوله: (يا قوم أرأيتم إن كنت) الخ، جواب عن قولهم: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) ويظهر بذلك فساد قول بعضهم:
إنه جواب عن قولهم: (بل نظنكم كاذبين) وقول آخرين: إنه جواب عن قولهم:
(ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادئ الرأي) وقول طائفة أخرى إنه جواب عن قولهم: (وما نرى لكم علينا من فضل) ولا نطيل الكلام بالتعرض لتوضيحها وردها.
قوله تعالى: (ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله) يريد به الجواب عما اتهموه به من الكذب و لازمه ان تكون دعوته طريقا إلى جلب أموالهم واخذ ما في أيديهم طمعا فيه فإنه إذا لم يسألهم شيئا من أموالهم لم يكن لهم ان يتهموه بذلك.
قوله تعالى: (وما انا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون) جواب عن قولهم: (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادئ الرأي) وقد بدل لفظة الأراذل - وهى لفظة إرزاء وتحقير - من قوله: الذين آمنوا تعظيما لأمر إيمانهم وإشارة إلى ارتباطهم بربهم.
نفى في جوابه ان يكون يطردهم وعلل ذلك بقوله: (إنهم ملاقوا ربهم) إيذانا بأن لهم يوما يرجعون فيه إلى الله فيحاسبهم على أعمالهم فيجازيهم على ما عملوه من خير أو شر فحسابهم على ربهم وليس لغيره من الامر شئ، فليس على نوح عليه السلام ان يحاسبهم فيجازيهم بشئ لكن القوم لجهالتهم يتوقعون على الفقراء والمساكين والضعفاء ان يطردوا من مجتمع الخير ويسلبوا النعمة والشرافة والكرامة.
فظهر ان المراد بقوله: (إنهم ملاقوا ربهم) الايمان إلى محاسبة الله سبحانه
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378