تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٧
الطبع إلى المشركين وطائفة قليلة آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما يظهر من آيات أولها وآخرها إنذار لعامة الناس بما فيها من الحجة والموعظة والعبرة، وقصة آدم عليه السلام وإبليس وقصص نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام، وهي ذكرى للمؤمنين تذكرهم ما يشتمل عليه إجمال إيمانهم من المعارف المتعلقة بالمبدأ والمعاد والحقائق التي هي آيات إلهية.
والسورة تتضمن طرفا عاليا من المعارف الإلهية منها وصف إبليس وقبيله، ووصف الساعة والميزان والأعراف وعالم الذر والميثاق ووصف الذاكرين لله، وذكر العرش، وذكر التجلي، وذكر الأسماء الحسنى، وذكر أن للقرآن تأويلا إلى غير ذلك.
وهي تشتمل على ذكر إجمالي من الواجبات والمحرمات كقوله: " قل أمر ربي بالقسط " الآية 29، وقوله: " إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن " الآية 33، وقوله: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " الآية 32 فنزولها قبل نزول سورة الأنعام التي فيها قوله: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " الآية الانعام: 145، فإن ظاهر الآية أن الحكم بإباحة غير ما استثنى من المحرمات كان نازلا قبل السورة فالإشارة بها إلى ما في هذه السورة.
على أن الاحكام والشرائع المذكورة في هذه السورة أوجز وأكثر إجمالا مما ذكر في سورة الأنعام في قوله: " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم " الآيات، وذلك يؤيد كون هذه السورة قبل الانعام نزولا على ما هو المعهود من طريقة تشريع الاحكام في الاسلام تدريجا آخذا من الاجمال إلى التفصيل.
قوله تعالى: " المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين " تنكير الكتاب وتوصيفه بالانزال إليه من غير ذكر فاعل الانزال كل ذلك للدلالة على التعظيم ويتخصص وصف الكتاب ووصف فاعله بعض التخصص بما يشتمل عليه قوله: " فلا يكن في صدرك حرج منه " من التفريع كأنه قيل: هذا كتاب مبارك يقص آيات الله أنزله إليك ربك فلا يكن في صدرك حرج منه كما أنه لو كان كتابا غير الكتاب وألقاه إليك ربك لكان من حقه أن يتحرج ويضيق منه صدرك لما في تبليغه ودعوة الناس إلى ما يشتمل عليه من الهدى من المشاق والمحن.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست