تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٥٢
مثل العلم بالغيب قال تعالى " قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله " النمل - 65 وقال تعالى " إنما الغيب لله " يونس - 20 وقال تعالى " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو " الانعام - 59 فدل جميع ذلك على الحصر ثم قال تعالى " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول " الجن - 27. فأثبت ذلك لبعض من هو غيره وهو من ارتضى من رسول ولذلك نظائر في القرآن.
وأما الجهة الأولى - وهى أن القرآن يدل على جواز العلم بتأويله لغيره تعالى في الجملة فبيانه أن الآيات كما عرفت تدل على أن تأويل الآية أمر خارجي نسبته إلى مدلول الآية نسبة الممثل إلى المثل فهو وإن لم يكن مدلولا للآية بما لها من الدلالة لكنه محكي لها محفوظ فيها نوعا من الحكاية والحفظ نظير قولك " في الصيف ضيعت اللبن " لمن أراد أمرا قد فوت أسبابه من قبل فإن المفهوم المدلول عليه بلفظ المثل وهو تضييع المرأة اللبن في الصيف لا ينطبق شئ منه على المورد وهو مع ذلك ممثل لحال المخاطب حافظ له يصوره في الذهن بصورة مضمنة في الصورة التي يعطيها الكلام بمدلوله.
كذلك أمر التأويل فالحقيقة الخارجية التي توجب تشريع حكم من الاحكام أو بيان معرفة من المعارف الإلهية أو وقوع حادثة هي مضمون قصة من القصص القرآنية وإن لم تكن أمرا يدل عليه بالمطابقة نفس الأمر والنهي أو البيان أو الواقعة الكذائية إلا أن الحكم أو البيان أو الحادثة لما كان كل منها ينتشي منها ويظهر بها فهو أثرها الحاكي لها بنحو من الحكاية والإشارة كما أن قول السيد لخادمه اسقني ينتشي عن اقتضاء الطبيعة الانسانية لكمالها فإن هذه الحقيقة الخارجية هي التي تقتضي حفظ الوجود والبقاء وهو يقتضي بدل ما يتحلل من البدن وهو يقتضي الغذاء اللازم وهو يقتضي الري وهو يقتضي الامر بالسقي مثلا فتأويل قوله اسقني هو ما عليه الطبيعة الخارجية الانسانية من اقتضاء الكمال في وجوده وبقائه ولو تبدلت هذه الحقيقة الخارجية إلى شئ آخر يباين الأول مثلا لتبدل الحكم الذي هو الامر بالسقي إلى حكم آخر وكذا الفعل الذي يعرف فيفعل أو ينكر فيجتنب في واحد من المجتمعات الانسانية على اختلافها الفاحش في الآداب والرسوم إنما يرتضع من ثدي الحسن والقبح الذي عندهم وهو يستند إلى مجموعة متحدة متفقة من علل زمانية ومكانية وسوابق عادات ورسوم مرتكزة في ذهن الفاعل بالوراثة ممن سبقه وتكرر المشاهدة ممن شاهده
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362