تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٦
المشركين ودعوة إلى الصبر والمصابرة والمرابطة وجميع ذلك يؤيد أن السورة نزلت أيام كان المسلمون مبتلين بالدفاع عن حمى الدين بعامة قواهم وجميع أركانهم فمن جانب كانوا يقاومون الفشل والفتور الذين يدبان في داخل جماعتهم بفتنه اليهود والنصارى ويحاجونهم ويجاوبونهم ومن جانب كانوا يقاتلون المشركين ويعيشون في حال الحرب وانسلاب الامن فقد كان الاسلام في هذه الأيام قد انتشر صيته فثارت الدنيا عليه من اليهود والنصارى ومشركي العرب ووراء ذلك الروم والعجم وغيرهم والله سبحانه يذكر المؤمنين في هذه السورة من حقائق دينه الذي هداهم به ما يطيب به نفوسهم ويزول به رين الشبهات والوساوس الشيطانية وتسويلات أهل الكتاب عن قلوبهم ويبين لهم أن الله سبحانه لم يغفل عن تدبير ملكه ولم يعجزه خلقه وإنما اختار دينه وهدى جمعا من عباده إليه على طريقه العادة الجارية والسنة الدائمة وهى سنة العلل والأسباب فالمؤمن والكافر جاريان على سنة الأسباب فيوم للكافر ويوم للمؤمن فالدار دار الامتحان واليوم يوم العمل والجزاء غدا قوله تعالى الله لا إله إلا هو الحي القيوم قد مر الكلام فيه في تفسير آية الكرسي وتحصل من هناك أن المراد به بيان قيامه تعالى أتم القيام على أمر الايجاد و التدبير فنظام الموجودات بأعيانها وآثارها تحت قيمومة الله لا مجرد قيمومة التأثير كالقيمومة في الأسباب الطبيعية الفاقدة للشعور بل قيمومة حياه تستلزم العلم والقدرة فالعلم الإلهي نافذ فيها لا يخفى عليه شئ منها والقدرة مهيمنه عليها لا يقع منها إلا ما شاء وقوعه وأذن فيه ولذلك عقبه بقوله بعد آيتين إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء.
ولما كانت هذه الآيات الست في أول السورة على طريق براعه الاستهلال مشتملة على إجمال ما تحتويه السورة من التفصيل وقد مر ذكر غرض السورة كانت هذه الآية بمنزلة تصدير الكلام بالبيان الكلى الذي يستنتج به الغرض كما أن الآيتين الأخيرتين أعني قوله إن الله لا يخفى عليه الخ بمنزلة التعليل بعد البيان وعلي هذا فالكلام التي يتم به أمر براعة الاستهلال هما الآيتان المتوسطتان أعني قوله نزل عليك الكتاب إلى قوله عزيز ذو انتقام وعلي هذا فيعود المعنى إلى أنه يجب على المؤمنين أن يتذكروا أن الله الذي آمنوا به واحد في الوهيته قائم على الخلق والتدبير قيام حياة لا
(٦)
مفاتيح البحث: الصبر (1)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362