تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٠
أنه كان يعيش على الناموس الجاري في حياة الانسان متصفا بجميع صفاته وأفعاله وأحواله النوعية كالاكل والشرب وسائر الاحتياجات الانسانية والخواص البشرية ولم يكن هذا التلبس والاتصاف بحسب ظاهر الحس أو تسويل الخيال فحسب بل كان على الحقيقة وكان المسيح عليه السلام إنسانا ذا هذه الأوصاف والأحوال والافعال والأناجيل مشحونة بتسميته نفسه إنسانا وابن الانسان مملوءة بالقصص الناطقة بأكله وشربه ونومه ومشيه ومسافرته وتعبه وتكلمه ونحو ذلك بحيث لا يقبل شئ منها صرفا ولا تأويلا ومع تسليم هذه الأمور يجري على المسيح ما يجري على غيره فهو لا يملك من غيره شيئا كغيره ويمكن أن يهلك كغيره.
وكذا حديث عبادته ودعائه بحيث لا يرتاب في أن ما كان يأتيه من عبادة فإنما للتقرب من الله والخضوع لقدس ساحته لا لتعليم الناس أو لأغراض اخر تشابه ذلك.
وإلى حديث العبادة والاحتجاج به يؤمي قوله تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا: النساء - 172 فعبادة المسيح أول دليل على أنه ليس بإله وأن الألوهية لغيره لا نصيب له فيها فأي معنى لنصب الشئ نفسه في مقام العبودية والمملوكية لنفسه وكون الشئ قائما بنفسه من عين الجهة التي بها يقوم نفسه والامر ظاهر وكذا عبادة الملائكة كاشفة عن أنها ليست ببنات الله سبحانه ولا أن روح القدس إله بعد ما كانوا بأجمعهم عابدين لله طائعين له كما قال تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون: الأنبياء - 28.
على أن الأناجيل مشحونة بأن الروح طائع لله ورسله مؤتمر للامر محكوم بالحكم ولا معنى لأمر الشئ نفسه ولا لطاعته لذاته ولا لانقياده وائتماره لمخلوق نفسه.
ونظير عبادة المسيح لله سبحانه في الدلالة على المغايرة دعوته الناس إلى عبادة الله كما يشير إليه قوله تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار: المائدة - 72 وسبيل الآية واحتجاجها ظاهر.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362