تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٢٨
على أنه لو كان الواو للعطف وكان المراد بالعطف تشريك الراسخين في العلم بالتأويل كان منهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو أفضلهم وكيف يتصور أن ينزل القرآن على قلبه وهو لا يدرى ما أريد به ومن دأب القرآن إذا ذكر الأمة أو وصف أمر جماعة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفرده بالذكر أولا ويميزه بالشخص تشريفا له وتعظيما لامره ثم يذكرهم جميعا كقوله تعالى: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون " البقرة - 285 وقوله تعالى: " ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " التوبة - 26 وقوله تعالى: " لكن الرسول والذين آمنوا معه " التوبة - 88 وقوله تعالى: " وهذا النبي والذين آمنوا " آل عمران - 68 وقوله تعالى لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه " التحريم - 8 إلى غير ذلك فلو كان المراد بقوله: والراسخون في العلم إنهم عالمون بالتأويل - ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم قطعا كان حق الكلام كما عرفت أن يقال:
وما يعلم تأويله إلا الله ورسوله والراسخون في العلم هذا وإن أمكن أن يقال إن قوله في صدر الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب " إلخ " يدل على كون النبي عالما بالكتاب فلا حاجة إلى ذكره ثانيا.
فالظاهر أن العلم بالتأويل مقصور في الآية عليه تعالى ولا ينافي ذلك ورود الاستثناء عليه كما أن الآيات دالة على انحصار علم الغيب عليه تعالى مع ورود الاستثناء عليه كما في قوله تعالى: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول " الجن - 27، ولا ينافيه أيضا كون المستثنى الراسخين في العلم بعينهم إذ لا منافاة بين أن تدل هذه الآية على شأن من شؤون الراسخين في العلم وهو الوقوف عند الشبهة والايمان والتسليم في مقابل الزائغين قلبا وبين أن تدل آيات اخر على أنهم أو بعضا منهم عالمون بحقيقة القرآن وتأويل آياته على ما سيجئ بيانه.
قوله تعالى والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا الرسوخ هو أشد الثبات ووقوع الراسخين في العلم في مقابلة الذين في قلوبهم زيغ ثم توصيفهم بأنهم يقولون آمنا به كل من عند ربنا يدل على تمام تعريفهم وهو أن لهم علما بالله وبآياته لا يدخله ريب وشك فما حصل لهم من العلم بالمحكمات ثابت لا يتزلزل وهم يؤمنون به ويتبعونه أي يعلمون به وإذا وردت عليهم آية متشابهة لم يوجب تشابهها اضطراب قلوبهم فيما عندهم من العلم الراسخ بل آمنوا بها وتوقفوا عن اتباعها عملا
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362