تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ١٤٧
قول ما من الأقوال بين العامة وخاصة إذا كان مما يرتبط بالغريزة ويستحسنه القريحة ويطمأن إليه النفوس المتوقعة أقوى سبب لتوحيد الميول المتفرقة وجعل الجماعات المتشتتة يدا واحدا تقبض وتبسط بإرادة واحدة لا يقوم لها شئ.
ومن الضروري أن النبوة منذ أقدم عهود ظهورها تدعو الناس إلى العدل وتمنعهم عن الظلم وتندبهم إلى عبادة الله والتسليم له وتنهاهم عن اتباع الفراعنة الطاغين والنماردة المستكبرين المتغلبين ولم تزل هذه الدعوة بين الأمم منذ قرون متراكمة جيلا بعد جيل وأمة بعد أمة وإن اختلفت بحسب السعة والضيق باختلاف الأمم والأزمنة ومن المحال أن يلبث مثل هذا العامل القوى بين الاجتماعات الانسانية قرونا متمادية وهو منعزل عن الأثر خال عن الفعل.
وقد حكى القرآن الكريم في ذلك شيئا كثيرا من الوحي المنزل على الأنبياء عليهم السلام كما حكى عن نوح فيما يشكوه لربه رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم: نوح - 23 وكذا ما وقع بينه وبين عظماء قومه من الجدال على ما يحكيه القرآن قال تعالى قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون: الشعراء - 113 وقول هود عليه السلام لقومه أ تبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم جبارين " الشعراء 130 وقول صالح عليه السلام لقومه فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون " الشعراء - 152.
ولقد قام موسى عليه السلام للدفاع عن بني إسرائيل ومعارضة فرعون في سيرته الجائرة الظالمة وانتهض قبله إبراهيم عليه السلام لمعارضة نمرود ومن بعده عيسى بن مريم عليه السلام وسائر أنبياء بني إسرائيل في معارضة مترفي أعصارهم من الملوك والعظماء وتقبيح سيرهم الظالمة ودعوة الناس إلى رفض طاعة المفسدين واتباع الطاغين.
وأما القرآن فاستنهاضه الناس على الامتناع عن طاعة الافساد والاباء عن الضيم وإنبائه عن عواقب الظلم والفساد والعدوان والطغيان مما لا يخفى قال تعالى ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362