تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٧
بعده إلا كلمحة من خفقة (1)، أو وميض من برقة (2)، إلى أن رجعوا على الأعقاب (3)، وانتكصوا على الادبار (4)، وطلبوا بالأوتار (5)، وأظهروا الكتائب (6)، وردموا الباب (7)، وفلوا الديار (8)، وغيروا آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورغبوا عن أحكامه، وبعدوا من أنواره، واستبدلوا بمستخلفه بديلا، اتخذوه وكانوا ظالمين، وزعموا أن من اختاروا (9) من آل أبي قحافة أولى

(1) (إلا كلمحة من حفقة) الخفقة تحريك الناعس رأسه، والتاء للوحدة، والتنكير للتقليل، واللمحة زمان رؤية واحدة وكثيرا ما يعبر بها عن الزمان القليل جدا، ولذلك فسرها بمقدار زمان النعاس القليل، أو زمان اختلاس النظر منه. وهذا من أحسن العبارات في إفادة قلة الزمان، مع إشارة لطيفة إلى دخولهم حينئذ في غفلة النعاس نفس المصدر السابق.
(2) (أو وميض من برقة) أي لمعانها، يقال: ومض البرق بمضي ومضا وميضا وومضانا، إذا لمع خفيفا، ولم يعترض في نواحي الغيم. وهذه أيضا من أحسن البيان لإفادة قلة الزمان، مع إشارة خفيفة إلى اضطرابهم نفس المصدر السابق.
(3) (إلى أن رجعوا على الأعقاب) الرجوع إلى الأعقاب كناية عن الرجوع عما كانوا عليه ظاهرا من الانقياد للشريعة وأمر الله تعالى ورسوله ووصية بأهل بيته. وقد صح من طرق العامة والخاصة أنهم لم يشتغلوا، بعد رجوعه (صلى الله وآله وسلم) إلى الحق، بدفنه واشتغلوا بنصب الخليفة، وعللوا ذلك بأنه لا يجوز بقاء الأمة بعده بلا إمام طرفة عين، ولم يعلموا لجهلهم، أنه يلزمهم ذلك لبقاء الأمة عندهم بلا إمام أكثر، وأنه يلزم أن يكونوا أعلم منه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لم يعلم أنه لا يجوز ذلك، ومضى بلا نصب إمام نفس المصدر السابق.
(4) (وانتكصوا على الادبار) النكوص الرجوع إلى وراء، هو القهقري، وبذلك قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلا في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) من الخير وصلاح أهلها، وأقبل منها ما كان مدبرا من الشرور التي أدبرت فيه وظهور الاسلام نفس المصدر السابق.
(5) (وطلبوا بالأوتار) كأنه إشارة إلى سبب انحرافهم عنه (عليه السلام)، وهو أنه جنى من كل قوم من العرب جنايات، وقتل منهم جماعة في الحرب، ذلك سببا لميلهم عنه نفس المصدر السابق.
(6) (وأظهروا الكتائب) جمع الكتيبة، وهي القطعة العظيمة من الجيش نفس المصدر السابق.
(7) (وردموا الباب) سدوه، وأراد به ذاته المقدسة، لأنه باب الله، وباب الشريعة، وباب مدينة العلم، والمراد بسده منع الناس من الرجوع إليه نفس المصدر السابق.
(8) (وفلوا الديار) أي كسروا دار الاسلام والشريعة وغلبوا على أهلها قهرا وعنوة.
(9) (وزعموا أن من اختاروا) اعلم أن الأحاديث المشتركة بين العامة والخاصة، وصريح كلام
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست