" من تعدى في وضوئه كان كناقضه " (1) ثم ذكر حديث ابن أبي المقدام الآتي (2) وتأوله بحمل " اثنتين اثنتين " فيه على التجديد، ثم حمل أيضا حديث " من زاد على مرتين لم يؤجر " (3) وكذلك ما روى (4) في المرتين " أنه إسباغ " على التجديد أيضا، إلى أن قال: وقد فوض الله (عز وجل) إلى نبيه (عليه السلام) أ مر دينه، ولم يفوض إليه تعدي حدوده، وقول الصادق (عليه السلام): " من توضأ مرتين لم يؤجر " (5) يعني به أنه أتى بغير الذي أمر به ووعد الأجر عليه فلا يستحق الأجر، وكذلك كل أجير إذا فعل غير الذي استؤجر عليه لم تكن له أجرة. انتهى.
وهذا الكلام - كما ترى - صريح في انكاره الثانية وقوله ببدعتها، حيث إنه جعل الحد المفروض من الله تعالى في الوضوء واحدة واحدة، وإن ما زاد تعد للحد، وإن من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، وفسر عدم الأجر في قوله (عليه السلام):
" من توضأ مرتين لم يؤجر " (6) بأنه أتى بغير الذي أمر به ووعد الأجر عليه فلا يستحق الأجر، وملخصه أن التثنية تعد للحد وأنه لا يستحق المثنى - على الأصل وضوئه لكونه مخالفا متعديا للحد فضلا عن التثنية - أجرا كما لا يستحق الأجير - إذا فعل غير ما استؤجر عليه - أجرا.
ونقل أيضا القول بعدم الاستحباب عن ثقة الاسلام في الكافي، والذي يظهر لي من عبارته أيضا هو القول بالتحريم، حيث قال (7) بعد نقل حديث عبد الكريم الآتي (8) الدال على أنه ما كان وضوء علي (عليه السلام) إلا مرة مرة - ما لفظه " هذا دليل على أن الوضوء إنما هو مرة مرة لأنه (عليه السلام) كان إذ ورد عليه أمران كلاهما لله طاعة أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه، وإن الذي جاء عنهم (عليهم السلام) أنه قال: " الوضوء مرتان " إنما هو لمن لم تقنعه مرة فاستزاده فقال مرتان