العبارات سيما عبارة العلامة (عطر الله مرقده) الذي هو مخترع هذا القول على تعددها فإن غاية ما يخرج به عن كلام القوم التعبير بالمفصل دون هذا العظم الخفي الذي ذكره - يكاد يقطع العقل ببعده.
وعمدة ما يدور عليه كلامه (قدس سره) - في الاستدلال على هذا القول ويشجعه على أنه مراد العلامة - شيئان:
(أحدهما) - نسبة الفخر الرازي ومن تبعه ذلك إلى الشيعة وفيه أن الفخر الرازي قد نقل ذلك أيضا عن الأصمعي كما قدمنا نقله عنه، مع أنك قد عرفت مما نقله شيخنا الشهيد في الذكرى عن أبي عمرو الزاهد - أن مذهب الأصمعي في الكعب إنما هو مذهب العامة، وبذلك أيضا صرح أحمد بن محمد الفيومي في المصباح المنير، وحينئذ فإذا احتمل تطرق الاخلال إلى نقله عن علماء مذهبه فبالطريق الأولى إلى مذهب الشيعة، ويؤيده ما قدمنا نقله عن ابن الأثير من أن مذهب الشيعة أنهما العظمان اللذان في ظهر القدم، وما صرح به في المصباح المنير أيضا، حيث قال: " وذهبت الشيعة إلى أن الكعب في ظهر القدم وأنكره أئمة اللغة كالأصمعي وغيره ".
و (ثانيهما) - صحيح زرارة وأخيه المتقدم ذكره (1) وهو - بعد ما عرفت من ظهور هذا المعنى في كلام الأصحاب سيما كلام الشيخين في المقنعة والتهذيب وظهوره أيضا من تلك الأخبار المتقدمة - يجب ارجاعه إلى ما عليه الأصحاب سيما مع عدم الصراحة لما عرفت من تطرق الاحتمال إلى المعنى الذي اعتمدوه منه، وجملة من المتقدمين من الأصحاب لم يفهموا منه المخالفة لما قرروه في عبائرهم من معنى الكعب المشهور، ولهذا أن الشيخ في التهذيب - بعد ذكر ما قدمنا نقله عنه مما هو صريح في المعنى المشهور - نظم هذه الرواية في سلك الأدلة على ذلك ولم يجعلها في قالب المخالف، والمحقق في المعتبر كذلك بعد ما عرف الكعب بأنه قبة القدم، وما ذاك كله إلا لفهمهم منها الانطباق على المعنى