تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٧٣٨
ما شأنكما، وأصله: ما مخطوبكما أي: مطلوبكما من الذياد. وقرئ: " يصدر الرعاء " (1) أي: يصدروا مواشيهم من ورودهم، والرعاء: جمع الراعي كالصيام والقيام. * (فسقى لهما) * فسقى غنمهما لأجلهما، وروي: أن الرعاء كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله إلا سبعة رجال، وقيل: عشرة (2)، وقيل: أربعون (3)، فأقله وحده، وسألهم دلوا فأعطوه دلوهم، وكان لا ينزعها إلا عشرة، فاستقى بها وحده مرة (4) فروى غنمهما وأصدرهما، وإنما فعل ذلك رغبة في المعروف وإغاثة للملهوف. ولم يذكر مفعول * (يسقون) * و * (تذودان) * و * (لا نسقي) * لأن الغرض هو الفعل لا المفعول. والوجه في مطابقة جوابهما لسؤاله أنه سألهما عن سبب ذودهما الغنم، فقالتا: سبب ذلك أنهما ضعيفتان لم تقدرا على مزاحمة الرجال، ولابد لهما من تأخير السقي إلى أن يصدروا * (وأبونا شيخ كبير) * ضعيف (5) لا يقدر على تولي السقي بنفسه، وكأنما قالتا ذلك تعريضا للطلب منه الإعانة على سقي غنمهما، وإبلاء للعذر في توليهما السقي بأنفسهما.
* (ثم تولى إلى) * ظل سمرة من شدة الحر وهو جائع فقال: * (رب إني لما أنزلت إلي) * أي: لأي شئ قليل أو كثير * (فقير) * وإنما تعدى * (فقير) * باللام لأنه ضمن معنى " سائل " و " طالب ". وروي أنه قال ذلك وخضرة البقل ترى في بطنه من الهزال، وما سأل إلا خبزا يأكله.
* (على استحياء) * في موضع الحال، أي: مستحيية خفرة، وذلك أنهما لما رجعتا إلى أبيهما قبل الناس وأغنامهما حفل بطان وقالتا: وجدنا رجلا صالحا

(١) قرأه ابن عامر وأبو عمرو. راجع التيسير في القراءات للداني: ص ١٧١.
(٢) قاله شريح. راجع التبيان: ج ٨ ص ١٤٢.
(3) قاله الزجاج على ما حكاه القرطبي في تفسيره: ج 13 ص 269.
(4) في المخطوطة زيادة: واحدة.
(5) في نسخة زيادة: " كبير السن ".
(٧٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 743 ... » »»