تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٣
رسل الله قد يكونون (1) * (من الملائكة) * ومن البشر. ثم ذكر أنه سبحانه عالم بأحوال المكلفين من مضى منهم ومن غبر، فلا يعترض عليه في حكمه واختياره.
أمر سبحانه بالصلاة التي هي أجل العبادات، ثم بغيرها من العبادات كالصوم والحج والزكاة، ثم بفعل الخيرات على العموم، وعن ابن عباس: أن * (الخير) * صلة الأرحام ومكارم الأخلاق (2) * (لعلكم تفلحون) * أي: افعلوا هذا كله وأنتم طامعون في الفلاح، لا تتكلمون (3) على أعمالكم.
وعن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، في سورة الحج سجدتان؟ قال:
" نعم، إن لم تسجدهما فلا تقرأهما " (4).
* (وجهدوا في الله) * أمر بالغزو، أو: بمجاهدة النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر، كما روي أنه (صلى الله عليه وآله) رجع من بعض الغزوات فقال: " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر في الله " (5) أي في ذات الله، ومن أجله * (حق جهاده) * كما يقال: هو حق عالم أي: عالم حقا، فكان القياس: حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه، إلا أن الجهاد لما اختص بالله من حيث إنه يفعل لوجهه ومن أجله جازت إضافته إليه، لأن الإضافة قد تكون بأدنى اختصاص، ويجوز أن يتسع في الظرف، كقول الشاعر:
ويوم شهدناه سليما وعامرا (6) * (اجتباكم) * أي: اختاركم لدينه ولنصرته * (ما جعل عليكم في الدين من

(1) في بعض النسخ: يكون.
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 172.
(3) في بعض النسخ: تتكلون.
(4) ذكره البغوي في تفسيره: ج 3 ص 299.
(5) إتحاف السادة المتقين للزبيدي: ج 6 ص 379 و ج 7 ص 218.
(6) وعجزه: قليل سوى الطعن النهال نوافله. وهو منسوب لرجل من بني عامر، وفيه يمدح قومه. أنشده سيبويه في كتابه: ج 1 ص 90.
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»