تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٥٨
ثم لما حث الله سبحانه على تعظيم حرماته أمر عقيبه باجتناب الأوثان وقول الزور، لأن توحيد الله ونفي الشرك عنه وصدق القول من أعظم الحرمات، وقيل:
* (قول الزور) * وهو قول أهل الجاهلية: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك (1).
* (حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق (31) ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب (32) لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق (33) ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله وا حد فله أسلموا وبشر المخبتين (34) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (35)) * * (حنفاء) * أي: مستقيمي الطريقة على أمر الله، مائلين عن سائر الأديان، وقرئ: " فتخطفه الطير " (2) أي: فتتخطفه فحذف تاء التفعل، وهذا التشبيه يجوز أن يكون من المركب والمفرق، والمركب مثل أن يقول: * (من يشرك بالله) * فإن حاله كحال من * (خر من السماء) * فاختطفته الطير، أي: أخذته بسرعة فتفرق أجزاؤه في حواصلها، أو عصفت * (به الريح) * فهوت به إلى الأماكن البعيدة، والمفرق أن يكون الإيمان مشبها في علوه بالسماء، وتاركه مشبها بالساقط من السماء، والأهواء الموزعة أفكاره بالطير المختطفة، والشيطان الذي يستهويه في الضلالة بالريح التي * (تهوى به) * في المهاوي المهلكة.

(١) حكاه السيوطي في الدر المنثور: ج ٦ ص ٤٥ عن مقاتل.
(2) وهي قراءة نافع وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 436.
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»