تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٣
* (لحكمهم) * جمع الضمير لأنه أرادهما والمتحاكمين إليهما، والضمير في * (فهمناها) * للحكومة أو للفتوى، حكم داود (عليه السلام) بالغنم لصاحب الحرث، فقال سليمان (عليه السلام) وهو ابن إحدى عشرة سنة: غير هذا يا نبي الله، أرفق بالفريقين، فقال:
وما ذاك؟ قال: يدفع الغنم إلى صاحب الحرث فينتفع بها، والحرث إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان، فقال: القضاء ما قضيت، وأمضى الحكم بذلك.
والصحيح: أنهما جميعا حكما بالوحي، إلا أن حكومة سليمان نسخت حكومة داود، لأن الأنبياء لا يجوز أن يحكموا بالظن والاجتهاد، ولهم طريق إلى العلم، وفي قوله: * (وكلا آتينا حكما وعلما) * دلالة على أن كلاهما كان مصيبا.
* (يسبحن) * حال بمعنى: مسبحات، ويجوز أن يكون على الاستئناف، كأن قائلا قال: كيف سخرهن؟ فقال: يسبحن * (والطير) *: إما معطوف على * (الجبال) * وإما مفعول معه، وكانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكانت الطير تسبح معه بالغداة والعشي * (وكنا فعلين) * أي: قادرين على أن نفعل هذا وإن كان عجبا عندكم، وقيل: وكنا نفعل مثل ذلك بالأنبياء (1).
واللبوس: اللباس، والمراد هنا الدرع، وأول من صنع الدرع داود (عليه السلام)، وإنما كانت صفائح فسردها (2) وحلقها فجمعت الخفة والتحصين، وقرئ: * (لتحصنكم) * بالنون (3) والتاء والياء (4)، فالنون لله عز وجل، والياء لداود أو للبوس، والتاء

(١) قاله ابن عباس في تفسيره: ص ٢٧٤.
(٢) يقال: الخرز مسرود ومسرد أي: مثقوبة، وكذلك الدرع، وقيل: سردها: نسجها، وهو تداخل الحلق بعضها في بعض. (الصحاح: مادة سرد).
(٣) وهي قراءة أبي بكر عن عاصم ورويس وشيبة والمفضل وابن أبي إسحاق. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٥٤٤، وتفسير القرطبي: ج ١١ ص ٣٢١.
(4) وبالياء قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 430.
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»