تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٤
لكنه لا يفعل، لما يعلمه من المصلحة.
* (أفلم يايئس) * أي: أفلم يعلم، وهي لغة قوم من النخع (1)، وقيل: إنما استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه، لأن اليائس عن الشئ عالم بأنه لا يكون، كما استعمل الرجاء بمعنى الخوف لذلك (2)، ويدل عليه أن أهل البيت (عليهم السلام) وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين قرأوا: " أفلم يتبين " (3) وهو تفسير * (أفلم يايئس) *، ويجوز أن يكون المعنى: أولم يقنط عن إيمان هؤلاء الكفار * (الذين آمنوا) * ب‍ * (أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا) * ولهداهم * (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا) * من كفرهم وسوء أفعالهم * (قارعة) * أي: داهية تقرعهم من صنوف المصائب في نفوسهم وأموالهم * (أو تحل) * القارعة * (قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله) * وهو موتهم أو القيامة، وقيل: المراد بالقارعة: سرايا النبي (صلى الله عليه وآله) التي كان يبعثها إليهم فتغير حول مكة وتختطف منهم (4)، أو: تحل أنت يا محمد بجيشك قريبا من دارهم كما حل بالحديبية (5) حتى يأتي وعد الله وهو فتح مكة، لأنه سبحانه وعده ذلك.

(١) النخع - بفتح النون والخاء -: وهي قبيلة من العرب نزلت الكوفة، ومنها انتشر ذكرهم، وجدهم جسر - بالفتح - ابن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد، سمي النخع لأنه ذهب عن قومه. انظر الأنساب للسمعاني: ج ٥ ص ٤٧٣.
(٢) حكاه الزجاج عن بعض أهل اللغة. راجع معاني القرآن: ج ٣ ص ١٤٩.
(٣) انظر الكشاف: ج ٢ ص ٥٣٠، وتفسير القرطبي: ج ٩ ص ٣٢٠، والفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج ٣ ص ١٣٨، والبحر المحيط لأبي حيان: ج ٥ ص ٣٩٣.
(٤) قاله ابن عباس وعكرمة، راجع تفسير الماوردي: ج ٣ ص ١١٣، وتفسير البغوي: ج ٣ ص ٢٠.
(5) الحديبية: قرية متوسطة قريبة من مكة، سميت ببئر فيها عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحتها، وقال الخطابي: سميت بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، وقال محمد بن موسى الخوارزمي: اعتمر النبي (صلى الله عليه وآله) عمرة الحديبية ووادع المشركين لمضي خمس سنين وعشرة أشهر للهجرة النبوية. انظر معجم البلدان للحموي: ج 2 ص 222.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»