تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٩٥
فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير (112) ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون (113)) * * (وإن كلا) * التنوين عوض عن المضاف إليه، يعني: وإن كلهم أي: جميع المختلفين فيه * (ليوفينهم) * جواب قسم محذوف، واللام في * (لما) * موطئة للقسم و " ما " مزيدة، والمعنى: وإن جميعهم والله ليوفينهم * (ربك أعملهم) * من حسن وقبيح وإيمان وكفر، وقرئ: " وإن كلا " بالتخفيف (1) على إعمال المخففة عمل الثقيلة اعتبارا لأصلها الذي هو الثقيل، وقرئ: * (لما) * بالتشديد مع * (إن) * الثقيلة والخفيفة، وكلاهما مشكل عند النحويين، إذ ليس يجوز أن يراد ب‍ * (لما) * معنى الحين، ولا معنى " إلا " كالتي في قولهم: نشدتك الله لما فعلت وإلا فعلت، ولا معنى " لم "، وأحسن ما يصرف إليه أن يقال: إنه أراد " لما " من قوله: * (أكلا لما) * (2)، ثم وقف فقال: * (لما) *، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، ويكون المعنى: وإن كلا ملمومين يعني: مجموعين، كأنه قال: وإن كلا جميعا، كقوله: * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) * (3)، ويجوز أن يكون * (لما) * مصدرا على زنة فعلى، مثل:
الدعوى والشروى.
* (فاستقم كما أمرت) * أي: فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها على جادة الحق غير عادل عنها * (ومن تاب معك) * عطف على الضمير المستكن في " استقم "، وجاز ذلك من غير تأكيد بالضمير المنفصل لأن الفاصل قام (4) مقامه،

(١) قرأ ابن كثير ونافع (الحرميان) بتخفيف " إن " و " لما "، وقرأ أبو عمرو والكسائي بتشديد الأولى وتخفيف الثانية، وأما أبو بكر عن عاصم فقد قرأ بتخفيف الأولى وتشديد الثانية.
راجع التبيان: ج ٦ ص ٧٣ - ٧٤، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٤٦١.
(٢) الفجر: ١٩.
(٣) الحجر: ٣٠.
(4) في بعض النسخ: قائم.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 201 ... » »»