تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٩٥
شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) * (35) * (أنت) * تأكيد للضمير المستكن في * (أسكن) * ليصح العطف عليه، و * (رغدا) * وصف للمصدر، أي: أكلا رغدا واسعا رافها، و * (حيث) * للمكان المبهم، أي: أي مكان من الجنة * (شئتما) * والمعنى: اتخذ أنت وامرأتك الجنة مسكنا ومأوى * (وكلا منها) * أي: من الجنة كثيرا واسعا * (حيث شئتما) * من بقاع الجنة * (ولا تقربا هذه الشجرة) * أي: لا تأكلا منها، والمعنى: لا تقرباها بالأكل، وهو نهي تنزيه عندنا لا نهي تحريم، وكانا بالتناول منها تاركين نفلا وفضلا (1) * (فتكونا من الظالمين) * أي: الباخسين الثواب لأنفسكما بترك هذا المندوب إليه.
* (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتع إلى حين) * (36) * (فأزلهما) * أي: حملهما على الزلة * (الشيطان) * يعني: إبليس، نسب الزلة إلى الشيطان لما وقعت بدعائه ووسوسته * (عنها) * عن الجنة * (فأخرجهما مما كانا فيه) * من المنزلة والنعمة والدعة، وأضاف الإخراج إلى الشيطان لأنه كان السبب فيه، وإنما أخرج الله آدم من الجنة لأن المصلحة اقتضت بعد تناوله الشجرة إهباطه إلى الأرض وابتلاءه بالتكليف وسلبه ثياب الجنة، كما تقتضي الحكمة الإفقار بعد

(١) قال في التبيان: ج ١ ص ١٥٩ ما لفظه: وقوله: * (ولا تقربا هذه الشجرة) * صيغته صيغة النهي، والمراد به الندب عندنا، لأنه دل الدليل على أن النهي لا يكون نهيا إلا بكراهته للمنهي عنه، والله تعالى لا يكره إلا القبيح.
وفي تفسير الميزان قال (قدس سره): فهما إنما ظلما أنفسهما في ترك الجنة، على أن جزاء المخالفة للنهي المولوي التكليفي يتبدل بالتوبة إذا قبلت ولم يتبدل موردهما، فإنهما تابا وقبلت توبتهما ولم يرجعا إلى ما كانا فيه من الجنة، ولولا أن التكليف إرشادي ليس له إلا التبعة التكوينية دون التشريعية، لاستلزام قبول التوبة رجوعهما إلى ما كانا فيه من مقام القرب.
انظر تفسير الميزان: ج ١ ص ١٣١.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»