تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٦٨٧
رغبتهم في أن يلقوا قبله، وهو تأكيد الضمير المستكن بالمنفصل وتعريف الخبر، وقد سوغ لهم موسى ما رغبوا فيه قلة مبالاة بهم وثقة بما كان بصدده من المعجز الإلهي والتأييد السماوي * (فلما ألقوا سحروا أعين الناس) * بما أروهم من الحيل والشعوذة (1)، فقد روي أنهم ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا فإذا هي أمثال الحيات قد ملأت الأرض وركب بعضها بعضا (2) * (واسترهبوهم) * وأرهبوهم إرهابا شديدا كأنهم استدعوا رهبتهم * (وجاؤا بسحر عظيم) * أي: عظيم في باب السحر، وذلك أنهم جعلوا في حبالهم وخشبهم ما يوهم الحركة وخيل إلى الناس أنها تسعى.
* (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (117) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون (118) فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين (119) وألقى السحرة ساجدين (120) قالوا آمنا برب العلمين (121) رب موسى وهارون (122) قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون (123) لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلف ثم لأصلبنكم أجمعين (124) قالوا إنا إلى ربنا منقلبون (125) وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) * (126) معناه: فألقاها فصارت حية عظيمة * (فإذا هي تلقف ما يأفكون) *: * (ما) * مصدرية أو موصولة (3)، أي: تلقف إفكهم تسمية للمأفوك بالإفك، أو ما يأفكونه

(١) الشعوذة أو الشعبذة: وهي الحركة السريعة بحيث يوجب على الحس الانتقال من الشئ إلى شبهه كما تري النار المتحركة على الاستدارة دائرة متصلة. انظر المكاسب للشيخ الأعظم: ج ٣ ص ١١٧.
(٢) راجع تاريخ الطبري: ج ١ ص ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٣) انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 342.
(٦٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 682 683 684 685 686 687 688 689 690 691 692 ... » »»