تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٦٤٦
ضمير المخاطب كما في قوله: * (إنكم قوم تجهلون) * (1).
* (ويا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (19) فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءا تهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخلدين (20) وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين (21) فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءا تهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) * (22) سورة الأعراف / 21 و 22 أي: * (و) * قلنا: * (يا آدم) *، * (فوسوس لهما الشيطان) * أي: تكلم كلاما خفيا يكرره ومنه " وسوس الحلي "، وهو فعل غير متعد، ورجل موسوس بكسر الواو ولا يقال: موسوس بالفتح ولكن موسوس له أو إليه، ومعنى " وسوس له " فعل الوسوسة لأجله، و " وسوس إليه " ألقاها إليه * (ليبدي لهما) * جعل ذلك غرضا له ليسوءهما إذا رأيا ما يؤثران ستره مكشوفا، وفيه دليل على أن كشف العورة لم يزل مستقبحا في العقول، والمواراة: جعل الشئ وراء ما يستره، ولم يهمز الواو المضمومة في " ووري " كما همز واو " أو يصل " لأن الواو الثانية مدة (2) * (إلا أن تكونا) * إلا كراهة أن تكونا * (ملكين) * أوهمهما أنهما إذا أكلا من هذه الشجرة تغيرت صورتهما إلى صورة الملك (3) * (أو تكونا من الخلدين) * من الذين لا

(١) الأعراف: ١٣٨.
(٢) انظر تفصيل ذلك في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج ٢ ص ٢٨١.
(٣) قال الشيخ في التبيان: ج ٤ ص ٣٧٠: واستدل جماعة من المعتزلة بهذه الآية على أن الملائكة أفضل من البشر، والأنبياء منهم. وهذا ليس بشئ، لأنه لم يجر هاهنا ذكر لكثرة الثواب وأن الملائكة أكثر ثوابا من البشر بل كان قصد إبليس أن يقول لآدم: ما نهاك الله عن أكل الشجرة الا أن تكونا ملكين، فإن كنتما ملكين فقد نهاكما، وحيث لستما من الملائكة فما نهاكما الله عن أكلها، فتلخيص الكلام أن المنهي من اكل الشجرة هم الملائكة فقط، ومن ليس منهم فليس بمنهي، ولا تعلق لذلك بكثرة الثواب ولا بقلته.
(٦٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 641 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 ... » »»