تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٠١
أي لا تقوموا إلى الصلاة وأنتم نشاوى، وقيل: معناه: * (لا تقربوا) * مواضع * (الصلاة) * وهي المساجد (1) كقوله (عليه السلام): " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم " (2)، وقيل: هو سكر النوم وغلبة النعاس خاصة (3)، وروي ذلك عن الباقر (عليه السلام) (4) * (ولا جنبا) * عطف على قوله: * (وأنتم سكرى) * لأن محل الجملة مع الواو نصب على الحال، كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا، لأن الجنب اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الاجناب فاستوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث * (إلا عابري سبيل) * أي: لا تقربوا الصلاة في أحوال الجنابة إلا إذا كنتم مسافرين فيجوز لكم أن تؤدوها بالتيمم فإن التيمم لا يرفع حكم الجنابة، فيكون قوله: * (عابري سبيل) * منصوبا على الحال، وعبور السبيل عبارة عن السفر، فكأنه قيل: لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين * (حتى تغتسلوا) * إلا في حال كونكم مسافرين، ومن فسر الصلاة بالمسجد قال: إن معناه لا تقربوا مواضع الصلاة جنبا إلا مجتازين فيها حتى تغتسلوا من الجنابة.
* (وإن كنتم مرضى أو على سفر) * أراد سبحانه أن يرخص للذين تجب عليهم الطهارة في التيمم عند عدم الماء، فخص أولا من بينهم مرضاهم ومسافريهم لكثرة المرض والسفر وغلبتهما على سائر الأسباب الموجبة للرخصة، ثم عم كل من وجب عليه الطهارة وأعوزه الماء لخوف عدو أو سبع أو عدم ما يتوصل به إلى الماء أو غير ذلك مما لا يكثر كثرة المرض والسفر، فلذلك نظم في سلك واحد بين المريض والمسافر وبين المحدث والجنب وإن كان المرض والسفر سببين من

(١) قاله ابن عباس وابن مسعود والحسن وإليه ذهب الشافعي. راجع تفسير الرازي: ج ١٠ ص ١٠٨.
(٢) سنن البيهقي: ج ١٠ ص ١٠٣.
(٣) قاله الضحاك. راجع تفسير الماوردي: ج ١ ص ٤٨٩، والتبيان: ج ٣ ص ٢٠٦.
(4) العياشي: ج 1 ص 242 ح 134.
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»