تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٣٦٣
منكم) * وقوله: * (من ذكر أو أنثى) * بيان ل‍ * (عمل) *، * (بعضكم من بعض) * أي:
يجمع ذكوركم وإناثكم أصل واحد، وكل واحد منكم من الآخر أي: من أصله لفرط اتحادكم واتصالكم، وقيل: هو وصلة (1) الإسلام (2).
وروي: أن أم سلمة (3) قالت: يا رسول الله إني أسمع الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء، فنزلت (4) الآية.
* (فالذين هاجروا) * من أوطانهم وفروا إلى الله بدينهم من دار الفتنة * (وأخرجوا من ديرهم) * التي ولدوا فيها ونشأوا * (وأوذوا في سبيلي) * يريد سبيل الدين * (وقتلوا وقتلوا) * وغزوا المشركين واستشهدوا، وقرئ: " وقتلوا وقاتلوا " (5) لأن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولا في المعنى وإن تأخر في اللفظ، ويجوز أن يكون المراد أنهم لما قتل منهم قاتلوا ولم يهنوا * (ثوابا) * في موضع المصدر المؤكد يعني: إثابة من عند الله، لأن قوله: * (لأكفرن عنهم سيئاتهم

(1) في نسخة: وصيلة.
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 456.
(3) وهي هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية بن المغيرة، القرشية المخزومية، من زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) ومن أكملهن عقلا وخلقا، تزوجها النبي (صلى الله عليه وآله) في السنة الرابعة للهجرة، وكانت عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي من قبل، وكانت قد هاجرت معه إلى الحبشة ثم رجعا إلى مكة ثم هاجرا إلى المدينة ومات هناك، فخطبها أبو بكر فلم تتزوجه وخطبها النبي (صلى الله عليه وآله) فقبلت، وحالها في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين والزهراء والحسنين (عليهم السلام) أشهر من أن يذكر وأجلى من أن يحرر، توفيت سنة 62 ه‍. (تنقيح المقال للمامقاني: ج 3 ص 72، طبقات ابن سعد: ج 8 ص 60 - 67، مرآة الجنان: ج 1 ص 137).
(4) رواها عنها الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 456.
(5) قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 368، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 221، والكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 1 ص 373، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 3 ص 145.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»