تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٨٠
فتقبل منى إنك أنت السميع العليم (35) فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) * (36) يجوز أن يكون * (إذ) * منصوبا بقوله: * (سميع عليم) *، أي: سميع عليم لقول امرأة عمران ونيتها، وقيل: هو منصوب ب‍ " أذكر " (1)، وهي امرأة عمران بن ما ثان أم مريم البتول جدة عيسى (عليه السلام) واسمها حنة، وكانتا أختين: إحداهما هذه والأخرى عند زكريا (عليه السلام) واسمها ايشاع واسم أبيها فاقوذ (2)، فيحيى ومريم ابنا خالة * (محررا) * أي: معتقا لخدمة بيت المقدس لا يد لي عليه ولا أستخدمه، وروي عن الصادق (عليه السلام): " أن الله عز وجل أوحى إلى عمران أني واهب لك ولدا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذني، فحدث امرأته حنة بذلك، فلما حملت * (قالت) *: * (رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل منى) * أي:
نذري قبول رضى * (إنك أنت السميع) * بما أقول * (العليم) * بما أنوي * (فلما وضعتها) * وكانت ترجو أن يكون غلاما خجلت واستحيت، و * (قالت) * منكسة رأسها: * (رب إني وضعتها أنثى) * وإنما قالت ذلك تحسرا لأنها كانت ترجو أن سورة آل عمران / 37 تلد ذكرا، ولذلك نذرته محررا، ولذلك قال الله تعالى: * (والله أعلم بما وضعت) *

(١) حكى الزجاج عن أبي عبيدة أنه قال: معناه: " قالت امرأة عمران "، ثم قال: ولم يصنع أبو عبيدة في هذا شيئا، قال جميع النحويين: إن " إذ " يدل على ما مضى من الوقت فكيف يكون الدليل على ما مضى من الوقت لغوا، وهي اسم مع ما بعدها؟ وقال غير أبي عبيدة منهم الأخفش والمبرد: المعنى: اذكروا إذ قالت امرأة عمران. والمعنى عندي - والله أعلم - غير ما ذهبت إليه هذه الجماعة، وإنما العامل في * (إذ قالت) * معنى الاصطفاء، أي المعنى: واصطفى آل عمران * (إذ قالت امرأة عمران رب...) *. راجع معاني القرآن واعرابه: ج 1 ص 400.
(2) في نسخة: قاقوز.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»