تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٠٣
أبنائكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم) * (49) أصل * (آل) * أهل، ولذلك صغر بأهيل، فأبدلت هاؤه ألفا، وخص استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم (1)، و * (فرعون) * علم لمن ملك العمالقة، مثل قيصر لملك الروم، وكسرى لملك الفرس * (يسومونكم) * من سامه خسفا إذا أولاه ظلما، وأصله من سام السلعة إذا طلبها، كأنه بمعنى يبغونكم * (سوء العذاب) * ويريدونكم عليه، و " السوء " مصدر السيئ، وسوء الفعل قبحه، و * (يذبحون) * بيان ل‍ * (يسومونكم) *، ولذلك ترك العاطف، وإنما فعلوا بهم ذلك لأن الكهنة أنذروا فرعون بأنه يولد مولود يكون على يده هلاكه كما أنذر نمرود، فلم يغن عنهما تحفظهما وكان ما شاء الله أن يكون، والبلاء: المحنة إن أشير بذلكم إلى صنيع فرعون، والنعمة إن أشير به إلى الإنجاء.
* (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) * (50) * (فرقنا بكم البحر) * فصلنا بين بعضه وبعض حتى صارت فيه مسالك لكم، يقال: فرق بين الشيئين وفرق - بالتشديد - بين الأشياء، والمعنى في * (بكم) * أنهم كانوا يسلكونه ويتفرق الماء عند سلوكهم، فكأنما فرق بهم، ويجوز أن يراد بسببكم وبسبب إنجائكم، ويجوز أن يكون في موضع الحال بمعنى: فرقناه متلبسا بكم.
وروي: أن بني إسرائيل قالوا لموسى: أين أصحابنا لا نراهم؟ فقال: سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم، قالوا: لا نرضى حتى نراهم، فقال: اللهم أعني على أخلاقهم السيئة، فأوحى الله إليه: أن قل بعصاك هكذا، فصارت فيها كواء فتراءوا

(١) راجع تفصيله في الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 1 ص 288.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»