الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٢٧
سورة الانفطار مكية. وهى تسع عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت. وإذا البحار فجرت. وإذا القبور بعثرت. علمت نفس ما قدمت وأخرت. يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم. الذي
____________________
سورة الانفطار مكية. وهى تسع عشرة آية (بسم الله الرحمن الرحيم) (انفطرت) انشقت (فجرت) فتح بعضها إلى بعض فاختلط العذب بالمالح وزال البرزخ الذي بينهما وصارت البحار بحرا واحدا. وروى أن الأرض تنشف الماء بعد امتلاء البحار فتصير مستوية وهو معنى التسجير عند الحسن. وقرئ فجرت بالتخفيف، وقرأ مجاهد فجرت على البناء للفاعل والتخفيف بمعنى بغت لزوال البرزخ نظرا إلى قوله تعالى - لا يبغيان - لان البغى والفجور أخوان. بعثر وبحثر بمعنى وهما مركبان من البعث والبحث مع راء مضمومة إليهما، والمعنى: بحثت وأخرج موتاها. وقيل لبراءة المبعثرة لأنها بعثرت أسرار المنافقين. فإن قلت:
ما معنى قوله (ما غرك بربك الكريم) وكيف طابق الوصف بالكرم إنكار الاغترار به وإنما يغتر بالكريم كما يروى عن علي رضي الله عنه أنه صاح بغلام له كرات فلم يلبه فنظر فإذا هو بالباب فقال له مالك لم تجبني؟ قال: لثقتي بحلمك وأمنى من عقوبتك، فاستحسن جوابه وأعتقه. وقالوا: من كرم الرجل سوء أدب غلمانه. قلت: معناه أن حق الانسان أن لا يغتر بتكرم الله عليه حيث خلقه حيا لينفعه وبتفضله عليه بذلك حتى يطمع بعد ما مكنه وكلفه فعصى، وكفر النعمة المتفضل بها أن يتفضل عليه بالثواب وطرح العقاب اغترارا بالتفضل الأول، فإنه منكر خارج من حد الحكمة ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تلاها: غره جهله. وقال عمر رضي الله عنه:
غره حمقه وجهله. وقال الحسن: غره والله شيطانه الخبيث: أي زين له المعاصي وقال له افعل ما شئت فربك
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»