الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٦
إنه علي حكيم * وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور *
____________________
وقرئ أو يرسل رسولا فيوحى بالرفع على أو هو يرسل أو بمعنى مرسلا عطفا على وحيا في معنى موحيا، وروى " أن اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر إليه فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك؟ فقال: لم ينظر موسى إلى الله، فنزلت " وعن عائشة رضي الله عنها: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ثم قالت: أولم تسمعوا ربكم يقول؟ فتلت هذه الآية (إنه على) عن صفات المخلوقين (حكيم) يجرى أفعاله على موجب الحكمة فيكلم تارة بواسطة وأخرى بغير واسطة إما إلهاما وإما خطابا (روحا من أمرنا) يريد ما أوحى إليه لأن الخلق يحيون به في دينهم كما يحيا الجسد بالروح. فإن قلت: قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يدرى ما القرآن قبل نزوله عليه فما معنى قوله (ولا الإيمان) والأنبياء لا يجوز عليهم إذا عقلوا وتمكنوا من النظر والاستدلال أن يخطئهم الإيمان بالله وتوحيده، ويجب أن يكونوا معصومين من ارتكاب الكبائر ومن الصغائر التي فيها تنفير قبل المبعث وبعده فكيف لا يعصمون من الكفر؟
قلت: الإيمان اسم يتناول أشياء بعضها الطريق إليه العقل وبعضها الطريق إليه السمع، فعنى به ما الطريق إليه السمع دون العقل، وذاك ما كان له فيه علم حتى كسبه بالوحي، ألا ترى أنه قد فسر الإيمان في قوله تعالى - وما كان الله ليضيع إيمانكم - بالصلاة، لأنها بعض ما يتناوله الإيمان (من نشاء من عبادنا) من له لطف ومن لا لطف له فلا هداية تجدى عليه (صراط الله) بدل، وقرئ لنهدى: أي يهديك الله، وقرئ لتدعو. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ حم عسق كان ممن تصلى عليه الملائكة ويستغفرون له ويسترحمون له ".
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»