الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ١٨٤
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم
____________________
المنافقين، فليس بتكرير لن تلك في بيان مذهبهم والترجمة عن نفاقهم، وهذه في بيان ما كانوا عليه مع المؤمنين من التكذيب لهم والاستهزاء بهم ولقائهم بوجوه المصادقين وإيهامهم أنهم معهم، فإذا فارقوهم إلى شطار دينهم صدقوهم ما في قلوبهم. وروى أن عبد الله بن أبي وأصحابه خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فأخذ بيد أبى بكر فقال:
مرحبا بالصديق سيد بنى تيم وشيخ الإسلام وثانى رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد عمر فقال: مرحبا بسيد بنى عدى الفاروق القوى في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثم أخذ بيد على فقال:
مرحبا بابن عم رسول الله وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول الله، ثم افترقوا فقال لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فأثنوا عليه خيرا، فنزلت. ويقال لقيته ولاقيته: إذا استقبلته قريبا منه وهو جارى ملاقى ومراوقى. وقرأ أبو حنيفة: وإذا لاقوا. وخلوت بفلان وإليه: إذا انفردت معه، ويجوز أن يكون من خلا بمعنى مضى، وخلاك ذم: أي عداك ومضى عنك، ومنه القرون الخالية، ومنه خلوت به: إذا سخرت منه، وهو من قولك خلا فلان بعرض بفلان يعبث به، ومعناه: وإذا أنهوا السخرية بالمؤمنين إلى شياطينهم وحدثوهم بها كما تقول أحمد إليك فالانا وأذمه إليك. وشياطينهم الذين ما ثلوا الشياطين في تمردهم، وقد جعل سيبويه نون الشيطان في موضع من كتابه أصلية وفى آخر زائدة، والدليل على أصالتها قولهم تشيطن، واشتقاقه من شطن: إذا بعد لبعده من الصلاح والخبر، ومن شاط: إذا بطل إذا جعلت نونه زائدة. ومن أسمائه الباطل (إنا معكم) إنا مصاحبوكم
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 184 186 187 188 190 191 ... » »»