الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٦٩
داعر في كل فتنة ناعر (قوله كانوا يهودا) أي يهوديين، يقال يهودي ويهودي كزنجى وزنج، وأما يهود مفردا فهو علم جرى في كلامهم مجرى القبيلة دون الحي، قال الشاعر:
فرت يهود وأسلمت جيرانها * صمى لما فعلت يهود صمام (قوله وكفرا موجها) أي ذو وجهين كل كفر له وجه من قولهم كساء موجه له وجهان (قوله وأيضا فقد أوهموا) أي وإذا قالوا ذلك وخصوهما بالذكر فقد أو هموا بأنهم آمنوا بالمبدأ والمعاد على ما ينبغي، ويندرج فيه الإيمان كله وهذه نكتة متعلقة بمقالاتهم لا بحكايتها (قوله الأول في ذكر شأن الفعل) أي في بيان أنه متحقق صادر عنهم (والثاني في ذكر شأن الفاعل) أي في بيان أنه بحيث لم يصدر عنه ذلك الفعل، وسواء قصد بذلك اختصاصه بنفي الفعل كما سيأتي في قوله تعالى - وما أنت علينا بعزيز - أو لم يقصد، فإنه لا يطابق رد دعواهم، بل المطابق له أن يقال وما آمنوا. والجواب أن العدول إلى الاسمية لسلوك طريق الكناية في رد دعواهم الكاذبة، فإن انخراطهم في سلك المؤمنين وكونهم طائفة من طوائفهم من لوازم ثبوت الإيمان الحقيقي لهم، وانتفاء اللازم أعدل شاهد على انتفاء ملزومه، ففيه من التوكيد والمبالغة ما ليس في نفى الملزوم ابتداء، وكيف لا وقد بولغ في نفى اللازم بالدلالة على دوامه المسلتزم لانتفاء حدوث الملزوم مطلقا، وأكد ذلك النفي بالباء أيضا، فليس في هذه الاسمية تقديم لقصد الاختصاص أصلا، ولا يجعل الكلام في شأن الفاعل أنه كذا أو ليس كذا قطعا، بل المقصود بها ما ذكرناه من سلوك طريق هو أبلغ وأقوى في رد تلك الدعوى، ونظيرها في سلوك هذه الطريقة قوله تعالى - وما هم بخارجين منها - (قوله فلم جاء) أي إذا أريد بهذه الاسمية إنكار ما ادعوه في تلك الفعلية كان الأول تطابقهما
(١٦٩)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»