المدرك بحاسة.
وقوله (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) معناه انه لم ينقم هؤلاء الكفار من أولئك المؤمنين الذين أحرقوهم بالنار إلا لايمانهم بالله تعالى القاهر الذي لا يقهر (الحميد) في جميع أفعاله، فالنقمة ايجاب مضرة على حال مذمومة.
ونقيض النقمة النعمة، فهؤلاء الجهال نقموا حال الايمان، لأنهم جعلوها بجهلهم حالا مذمومة قال الشاعر:
ما نقموا من بني أمية * إلا أنهم يحلمون إن غضبوا (1) والداعي لهم إلى أن ينقموا من الايمان الجهل والخلاف، لان ما سبقوا إليه من الجهل يدعوهم إلى عداوة من خالفهم وسخف آرائهم، وإن ذلك يفسد عليهم ملكهم. ويصرف الوجوه عنهم.
وقوله (الذي له ملك السماوات والأرض) صفة (العزى الحميد) والمعنى ان هؤلاء الكفار نقموا من المؤمنين إيمانهم بالله تعالى العزيز، ومعناه القاهر الذي لا يغالب الحميد ومعناه المستحق للحمد على جميع أفعاله (الذي له ملك السماوات والأرض) ومعناه له التصرف في السماوات والأرض ولا اعتراض لاحد عليه. ثم قال (والله على كل شئ شهيد) أي عالم بجميعه لا يخفى عليه شئ من ذلك.
وقوله (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) قال ابن عباس وقتادة والضحاك:
حرقوهم بالنار (ثم لم يتوبوا) إنما شرط عدم التوبة، لأنهم لو تابوا لما توجه إليهم الوعيد، وإن لم يتوبوا توجه إليهم الوعيد بقوله (فلهم عذاب جهنم) يعني في الآخرة (ولهم عذاب الحريق) في الدنيا - في قول الربيع - قال الفراء: لما خددوا للمؤمنين الأخاديد وطرحوا فيها النار وطرحوا فيها المؤمنين ارتفعت النار عليهم،