التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٩١
وغرضه منه سكونكم واستراحتكم فيه من كد النهار وتعبه (وجعل لكم النهار) أيضا وهو ما بين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس (مبصرا) تبصرون فيه مواضع حاجاتكم فجعله (مبصرا) لما كان يبصرون فيه المبصرون. ثم اخبر تعالى (إن الله لذو فضل) أي لذو زيادة كثيرة من نعمه (على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) نعمه أي لا يعترفون بها بل يجحدونها ويكفرون بها. ثم قال مخاطبا لخلقه (ذلكم الله) يعني الذي قدم وصفه لكم هو الذي خلقكم (ربكم خالق كل شئ) من مقدوراته من السماوات والأرض وما بينهما مما لا يقدر عليه سواه (لا إله إلا هو) أي لا يستحق العبادة سواه تعالى (فأتى تؤفكون) أي فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره مع وضوح الدلالة على توحيده، ثم قال مثل ما انقلب وانصرف هؤلاء (كذلك يؤفك) أي يصرف (الذين كانوا بآيات الله يجحدون) ومعناه كما خدع هؤلاء بما كذب لهم كذب من كان قبلهم من الكفار (الذين كانوا بآيات الله يجحدون) أي بدلالات الله وبيناته، ولا يفكرون فيها.
ثم عاد إلى ذكر صفاته تعالى فقال (الله الذي جعل لكم الأرض قرارا) أي هيأها لكم بحيث تستقرون عليها (والسماء بناء) أي وجعل السماء بناء مرتفعا فوقنا ولو جعلهما رتقا لما أمكن الخلق الانتفاع في ما بينهما. ثم قال (وصوركم فأحسن صوركم) لان صور ابن آدم أحسن من صور الحيوان. والصور جمع صورة مثل سورة وسور (ورزقكم من الطيبات) لأنه ليس لشئ من الحيوان من الطيبات المآكل والمشارب مثل ما خلق الله لابن آدم، فان أنواع الطيبات واللذات التي خلقها الله لهم لا تحصى لكثرتها من الثمار وفنون النبات واللحوم وغير ذلك. ثم قال (ذلكم) يعني الذي تقدم وصفه هو الذي يحق له العبادة على الحقيقة وهو (الله ربكم فتبارك الله رب العالمين) أي جل بأنه الثابت
(٩١)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست