التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٧٠
أني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين (16) فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين (17) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (18) ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنسيهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون (19) لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) (20) خمس آيات.
معنى قوله (كمثل الشيطان) أي مثل هؤلاء المنافقين فيما قالوا لليهود، مثل قيل الشيطان (إذ قال للانسان اكفر) وأغواه به ودعاه إليه (فلما كفر) يعني الانسان (قال) الشيطان (إني برئ منك اني أخاف الله رب العالمين) بمعنى أخاف عقابه. وإنما يقول الشيطان للانسان اكفر بأن يدعوه إليه ويغويه به ويقول له: التوحيد ليس له حقيقة والشرك هو الحق ويأمره بجحد النبوة، ويقول لا أصل لها. وإنما هي مخرقة. والبراءة قطع العلقة إلى ما تقتضيه العداوة فهذه البراءة من الدين، وقد تكون البراءة قطع العلقة بما يدفع المطالبة كبراءة الدين، وبراءة الطلاق، وبراءة الذمي إذا أخذت منه الجزية. والأصل قطع العلقة التي يقع بها مطالبة في نقيض الحكمة، فالتقدير في الآية إن مثل المنافقين في وعدهم لبني النضير مثل الشيطان في وعده للانسان بالغرور، فلما أحتاج إليه الانسان أسلمه للهلاك. وقيل: إن ذلك في إنسان بعينه كل من الرهبان فأغواه الشيطان بأن ينجيه من بلية وقع فيها عند السلطان، فقال له: اسجد لي سجدة واحدة، فلما احتاج إليه أسلمه حتى قتل - روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود - وقال مجاهد:
(٥٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 565 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 ... » »»
الفهرست