التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٣٠
(يضاعف لهم) أي يجازون بأمثال ذلك. ومن شدد العين أراد التكثير، لان الله تعالى يعطي بالواحد عشرا إلى سبعين إلى سبع مئة، ثم قال " ولهم أجر كريم " أي لهم جزاء وثواب مع إكرام الله إياهم وإجلاله لهم. ثم قال (والذين آمنوا بالله ورسله) يعني الذين صدقوا بتوحيد الله وإخلاص العبادة له وأقروا بنبوة رسله (أولئك هم الصديقون) الذين صدقوا بالحق. ثم قال مستأنفا (والشهداء عند ربهم) قال ابن عباس ومسروق وأبو الضحى والضحاك: هو منفصل مما قبله مستأنف والمراد بالشهداء الأنبياء عليهم السلام ويجوز أن يكون معطوفا على ما تقدم وتقديره أولئك هم الصديقون وأولئك هم الشهداء، ويكون لهم أجرهم ونورهم للجماعة من الصديقين والشهداء، فكأنه قال: كل مؤمن شهيد على ما رواه البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وآله وعن عبد الله بن مسعود ومجاهد، فيكون التقدير أولئك هم الصديقون عند ربهم والشهداء عند ربهم.
ثم قال (لهم أجرهم ونورهم) أي لهم ثواب طاعاتهم ونور إيمانهم الذي يهتدون به إلى طريق الجنة. ثم قال (والذين كفروا) بالله وجحدوا توحيده وكذبوا رسله " وكذبوا بآياتنا " يعني حججه وبيناته " أولئك أصحاب الجحيم " يعني أنهم يلزمهم الله الجحيم فيبقون فيها دائمين. ثم زهد المؤمنين في الدنيا والسكون إلى لذاتها، فقال (اعلموا) معاشر العقلاء والمكلفين " إنما الحياة الدنيا " يعني في هذه الدنيا " لعب ولهو " لأنه لا بقاء لذلك ولا دوام وإنه يزول عن وشيك كما يزول اللعب واللهو " وزينة " تتزينون بها في الدنيا " وتفاخر بينكم " يفتخر بعضكم على بعض " وتكاثر في الأموال والأولاد " أي كل واحد يقول مالي أكثر وأولادي أكثر. ثم شبه ذلك بأن قال مثله في ذلك " كمثل غيث " يعني مطرا " أعجب الكفار نباته " أي أعجب الزراع ما نبت بذلك الغيث فالكفار الزراع. وقال الزجاج: ويحتمل أن يكون المراد الكفار
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»
الفهرست