التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥١٤
مولاه، وإنما يجوز الانقلاب من صفة إلى صفة على أن يكون على أحدهما بجعل جاعل ومن استحق صفة النفس لا لمعنى ولا بالفاعل لا يجوز ان ينقلب عنها إلى غيرها.
وقوله " فاما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم " اخبار من الله تعالى بما يستحقه المكلفون لمن كان منهم سابقا إلى الخيرات والى افعال الطاعات فله روح وريحان، وهو الهوى الذي يلذ النفس ويزيل عنها الهم. وقيل: الروح الراحة والريحان: الرزق - في قول مجاهد وسعيد بن جبير - وقال الحسن وقتادة: هو الريحان المشموم، وكل نبات طيب الريح، فهو ريحان، وقيل الروح الفرح. وقيل:
الروح النسيم الذي تستريح إليه النفس. واصل ريحان روحان، لأنه من الواو إلا أنه خفف، وأهمل التثقيل للزيادة التي لحقته من الألف والنون - ذكره الزجاج - وقوله " وجنة نعيم " أي ولهذا المقرب مع الروح والريحان " جنة نعيم " أي بستان ينعم فيها ويلتذ بأنواع الثمار والفواكه فيها.
وقوله " واما إن كان من أصحاب اليمين " وقد فسرنا معناه " فسلام لك من أصحاب اليمين " دخلت كاف الخطاب كما يدخل في ناهيك به شرفا، وحسبك به كرما أي لا تطلب زيادة جلالة على جلالة، وكذلك سلام لك منهم أي لا تطلب زيادة على سلامهم جلالة وعظم منزلة. وقال قتادة: معناه فسلام لك أيها الانسان الذي من أصحاب اليمين من عذاب الله وسلمت عليك ملائكة الله.
وقال الفراء: وسلام لك إنك من أصحاب اليمين فحذفت إنك. وقيل معناه سلمت مما تكره لأنك من أصحاب اليمين. وقال الزجاج: معناه وسلام لك إنك ترى فيهم ما تحب من السلامة، وذكر أصحاب اليمين في أول السورة بأنهم " في سدر مخضود " وذكرهم في أخرها بأنهم يبشرون بالسلامة من كل ما يكرهون. وقيل:
إنما كان التبرك باليمين، لان العمل يتيسر بها، واما الشمال فيتعسر العمل بها من
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»
الفهرست