التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٦١
بالبصر) فاللمح خطف البصر، والمعنى وما أمرنا إذا أردنا أن يكون شيئا إلا مرة واحدة إنما نقول له كن فيكون أي هذه منزلته في سرعته وانطياعه.
ثم قال تعالى مخاطبا لكفار قريش وغيرهم " ولقد أهلكنا أشياعكم " يعني اتباع مذهبكم في كفرهم بعبادة الأوثان تتابعوا قرنا بعد قرن في الاهلاك بعذاب الاستئصال. والشيعة أتباع القائد إلى أمر. وقيل: المعنى ولقد أهلكنا أشياعكم ممن هو منكم كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله فهي لكل أمة فهل من متعظ. وقال الحسن:
هو على الأمم السالفة " فهل من مدكر " معناه فهل من متذكر لما يوجبه هذا الوعظ من الانزجار عن مثل ما سلف من أعمال الكفار لئلا يقع به ما وقع بهم من الاهلاك.
وقوله (وكل شئ فعلوه في الزبر) يعني في الكتب التي كتبتها الحفظة.
وقال ابن زيد في الكتاب. وقال الضحاك في الكتب وقوله (وكل صغير، وكبير مستطر) قال ابن عباس معناه إن جميع ذلك مكتوب مسطور في الكتاب المحفوظ، لأنه من أعظم العبرة في علم ما يكون قبل أن يكون على التفصيل، وبه قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد.
ثم قال تعالى (إن المتقين) يعني الذين اتقوا معاصيه وفعلوا واجباته (في جنات) يعني بساتين تجنها الأشجار (ونهر) أي انهار، فوضع نهرا في موضع أنهار، لأنه اسم جنس يقع على القليل والكثير، والنهر المجرى الواسع من مجاري الماء، وهو خلاف الجدول، لأنه المجرى الصغير الشديد الجرى من مجاري الماء (في مقعد صدق) معناه في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم (عند مليك مقتدر) أي بالمكان الذي كرمه لأوليائه المليك المقتدر. وقيل: في مقعد صدق عند المليك المقتدر بما هو عليه من صدق دوام النعيم به. وقال الفراء: معنى (في جنات ونهر) أي في ضياء وسعة، ويقال: أنهر دمه إذا سال وانهر بطنه إذا جاء بطنه مثل جرى النهر.
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»
الفهرست