التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٤٧
قوله تعالى:
(ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (11) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر (10) وحملناه على ذات ألواح ودسر (13) تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14) ولقد تركناها آية فهل مدكر (15) فكيف كان عذابي ونذر) (16) ست آيات.
قرأ ابن عامر " ففتحنا " بالتشديد أي مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ، لأنه كثر ودام لما فار التنور وانهمرت الأرض والسماء بالماء. الباقون بالتخفيف لأنه يأتي على القليل والكثير، وفي الكلام حذف، وتقديره ان نوحا عليه السلام لما دعا ربه فقال إني مغلوب فانتصر يا رب وأهلكهم فأجاب الله دعاءه وفتح أبو أب السماء بالماء، ومعناه أجرى الماء من السماء، فجريانه إنما فتح عنه باب كان مانعا له، وذلك من صنع الله الذي لا يقدر عليه سواه. وجاء ذلك على طريق البلاغة. والماء المنهمر هو المنصب الكثير قال امرؤ القيس:
راح تمر به الصبا ثم انتحى * فيه شؤبوب جنوب منهمر (1) أي منصب مندفق، انهمر ينهمر انهمارا، وفلان ينهمر في كلامه، كأنه يتدفع فيه مع كثرته.
وقوله " وفجرنا الأرض عيونا " فالتفجير تشقيق الأرض عن الماء، ومنه انفجر العرق وأنفجر السكر، ومنه قوله " وفجرنا خلالهما نهرا " (2) وعيون الماء

(1) الطبري 27 / 49 والقرطبي 17 / 132 (2) سورة 18 الكهف آية 34
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست