التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٠
وقوله (وإن كنت لمن الساخرين) قال قتادة والسدي: معناه المستهزئين بالنبي والكتاب الذي معه. وقيل: معناه كنت ممن يسخر بمن يدعوني إلى الايمان، ومعناه وما كنت إلا من جملة الساخرين اعترافا منهم على نفوسهم.
وقوله تعالى (أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين) معناه فعلنا ذلك لئلا يقول: لو أراد الله هدايتي لكنت من المتقين لمعاصيه خوفا من عقابه (أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) ومعناه إنا فعلنا ذلك لئلا يتمنوا إذا نزل بهم البلاء والعذاب يوم القيامة لو أن لي رجعة إلى دار الدنيا لكنت ممن يفعل الطاعات.
ونصب (فأكون) على أنه جواب (لو) ويجوز أن يكون نصبا باضمار (ان) بمعنى لو أن لي كرة فان أكون.
وفي ذلك دليل على بطلان مذهب المجبرة في أن الكافر لا يقدر على الايمان لأنه لو كان إذا رد لا يقدر إلا على الكفر لم يكن لتمنيه معنى.
ثم قال تعالى منكرا عليهم " بلى قد جاءتك آياتي " أي حججي ودلالاتي " فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين " الجاحدين لنعمي عليك. وإنما خاطب بالتذكير والنفس مؤنثة لأنه أراد يا إنسان.
ثم اخبر تعالى عن حال الكفار في الآخرة، فقال " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة " جزاء على كفرهم. ثم قال " أليس في جهنم مثوى " أي موضع إقامة " للمتكبرين " الذين تكبروا عن طاعة الله وعصوا أوامره.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست