التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٩١
عليها من ثواب وعقاب.
ثم خاطب تعالى المؤمنين فقال (فإذا لقيتم) معاشر المؤمنين " الذين كفروا " بالله وجحدوا ربوبيته من أهل دار الحرب (فضرب الرقاب) ومعناه اضربوهم على الرقاب، وهي الأعناق (حتى إذا أثخنتموهم) أي أثقلتموهم بالجراح وظفرتم بهم (فشدوا الوثاق) ومعناه احكموا وثاقهم في الامر. ثم قال (فاما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) ومعناه اثقالها.
وقوله (فاما منا بعد) نصب على المصدر والتقدير إما أن تمنوا منا وإما أن تفدوا فداء، وقال قتادة وابن جريج: الآية منسوخة بقوله (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (1) وقوله (فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) (2) وقال ابن عباس والضحاك: الفداء منسوخ. وقال ابن عمر والحسن وعطا وعمر ابن عبد العزيز: ليست منسوخة. وقال الحسن يكره أن يفادى بالمال، ويقال يفادي الرجل بالرجل، وقال قوم: ليست منسوخة، والامام مخير بين الفداء والمن والقتل بدلالة الآيات الأخر (حتى تضع الحرب أوزارها) أي أثقالها، وقال قتادة: حتى لا يكون مشرك. وقال الحسن: إن شاء الامام أن يستفد الأسير من المشركين، فله ذلك بالسنة، والذي رواه أصحابنا ان الأسير إن اخذ قبل انقضاء الحرب والقتال بأن تكون الحرب قائمة والقتال باق، فالامام مخير بين أن يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا، وليس له المن ولا الفداء. وإن كان أخذ بعد وضع الحرب أوزارها وانقضاء الحرب والقتال كان مخيرا بين المن والمفادات. إما بالمال أو النفس، وبين الاسترقاق، وضرب الرقاب، فان أسلموا في الحالين سقط جميع ذلك وصار حكمه حكم المسلم.

(1) سورة 9 التوبة آية 6 (2) سورة 8 الأنفال آية 58
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست