التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٧
قرأ بالياء والضم فيهما لم يذكر الفاعل لأنه معلوم أن المراد به أن الله الذي يتقبل الطاعات ويجازي عليها. وقوله (أحسن ما عملوا) يعني ما يستحق به الثواب من الواجبات والمندوبات، لان المباحات وإن كانت حسنة لا يستحق بها الثواب ولا توصف بأنها متقبلة، لأنه لا يتقبل إلا ما ذكرناه من واجب أو ندب.
ثم قال (ونتجاوز عن سيئاتهم) التي اقترفوها فلا نؤاخذهم بها إذا تابوا منها أو أردنا أن نتفضل عليهم باسقاطها، وقوله (في أصحاب الجنة) أي هم في أصحاب الجنة (وعد الصدق) أي وعدهم وعد الصدق لا الكذب، فهو نصب على المصدر (الذي كانوا يوعدون) به في دار الدنيا إذا أطاعوا الله.
ثم اخبر تعالى عن حال (الذي قال) أي الذي يقول (لوالديه أف لكما) ومعناه أنه في موضع ضجر منهما، وقيل: معناه نتنا وقذرا لكما، كما يقال عند شم الرائحة الكريهة. وقال الحسن: هو الكافر الفاجر العاق لوالديه المكذب بالبعث وانه يتأفف بهما إذا دعواه إلى الاقرار بالبعث والشنور. وقال قوم: نزلت الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ان يسلم.
ثم بين أنه يقول لهما (أتعدانني أن اخرج) من القبر وأحيا وابعث (وقد خلت القرون من قبلي) أي مضت أمم قبلي وماتوا فما أخرجوا ولا أعيدوا وهما) يعني والديه (يستغيثان الله) ويقولان له (ويلك آمن إن وعد الله حق) والبعث والنشور والثواب والعقاب (فيقول) في جوابهما (ما هذا إلا أساطير الأولين) أي ليس هذا إلا أخبار الأولين وسطروها، وليس لها حقيقة، فقال تعالى (أولئك الذين حق عليهم القول) باستحقاق العقاب وإدخالهم النار (في أمم) أي مع أمم وجماعات (قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) على مثل حالهم ومثل اعتقادهم. وقال قتادة: قال الحسن: الجن لا يموتون، قال قتادة:
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست