التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٧٣
قرأ أهل الكوفة إلا عاصما " ليغرق أهلها " بالياء، ورفع أهلها. الباقون بالتاء ونصب الأهل. فمن قرأ بالتاء ونصب الأهل، فلقوله " أخرقتها لتغرق " بذلك " أهلها " أي فعلت ذلك وغرضك اهلاك أهلها على وجه الانكار. ومن قرأ بالياء أسند الغرق إلى الأهل، فكأنه قال: فعلت ذلك ليغرقوا هم. وقرأ أهل الكوفة وابن عامر " زكية " بلا الف. وقرأ الباقون زاكية بألف. وقرأ ابن عامر ونافع - في رواية الأصمعي عنه وأبو بكر عن عاصم - " نكرا " بضم النون والكاف.
الباقون بتخفيف الكاف.
قال الكسائي (زاكية، وزكية) لغتان مثل قاسية وقسية. قال أبو عمرو: الزاكية التي لم تذنب قط، والزكية التي إذا أذنبت تابت، و (النكر) بالتثقيل والتخفيف لغتان مثل الرعب والرعب.
اخبر الله تعالى عن موسى (ع) وصاحبه الذي تبعه ليتعلم منه أنهما ذهبا حتى إذا بلغا البحر، فركبا في السفينة فخرق صاحبه السفينة أي شق فيها شقا، لما أعلمه الله من المصلحة في ذلك، فقال له موسى منكر لذلك على ظاهر الحال: " أخرقتها لتغرق أهلها " أي غرضك بذلك أن تغرق أهلها الذين ركبوها. ويحتمل أن يكون قال ذلك مستفهما أي فعلت ذلك لتغرق أهلها أم لغير ذلك. والأول أقوى لقوله بعد ذلك " لقد جئت شيئا امرا " فالامر المنكر - في قول مجاهد وقتادة - وقال أبو عبيدة: داهية عظيمة وانشد:
لقد لقي الاقرآن منه نكرا * داهية دهياء إدا إمرا (1)

(١) تفسير القرطبي ١١ / ١٩ ومجاز القرآن 1 / 409 وتفسير الطبري 15 / 169 واللسان والصحاح والتاج (أمر) وشواهد الكشاف 30.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست