التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٨٢
أنهم قالوا ما ذكره. والرجاء ترقب الخير الذي يقوى في النفس وقوعه، تقول: رجا يرجو رجاء وارتجى ارتجاء، وترجى ترجيا، ومثل الرجاء الطمع والأمل. والمعنى لا يرجون لقاء جزائنا، وإذا استعملوا الرجاء مع النفي أرادوا به الخوف، كقوله " لا ترجون لله وقارا " (1) وهي لغة تهامة وهذيل. واللقاء المصير إلى الشئ من غير حائل ولهذا صح لقاء الجزاء من الثواب والعقاب، لان العباد يصيرون إليه في الآخرة وعلى هذا يصلح أن يقال: لابد من لقاء الله تعالى.
وقوله " لولا انزل علينا الملائكة أو نرى ربنا " معناه هلا أنزل الملائكة لتخبرنا بأن محمد نبي " أو نرى ربنا " فيخبرنا بذلك. قال الجبائي: وذلك يدل على أنهم كانوا مجسمة، فلذلك جوزوا الرؤية على الله التي تقتضي التشبيه.
ثم اقسم تعالى فقال " لقد استكبروا " بهذا القول " في أنفسهم " أي طلبوا الكبر والتجبر بغير حق، تقول: استكبر استكبارا " وعتوا " بذلك أي طغوا به " عتوا كبيرا " والعتو الخروج إلى أفحش الظلم.
وقوله " يرم يرون الملائكة " يجوز أن يكون المراد به اليوم الذي تقبض فيه أرواحهم، ويعلمون أين مستقرهم. ويجوز أن يكون يوم القيامة " لا بشرى يومئذ للمجرمين " أي لا بشرى لهم في ذلك اليوم. قال الفراء: ليس (اليوم) من صلة (بشرى) ولا منصوبا به، بل أضمرت (الفاء) كقولك: أما اليوم، فلا مال لك.
وقال الزجاج: يجوز على تقدير لا بشرى تكون للمجرمين يوم يرون الملائكة، ويكون (يومئذ) مؤكدا ل‍ (يوم)، ولا يكون منصوبا ب‍ (لا بشرى) لان ما يتصل ب‍ (لا) لا يعمل فيما قبلها، لكن لما قيل: " لا بشرى للمجرمين " بين في أي يوم ذلك فكأنه قال يمنعون البشرى يوم يرون الملائكة، وهو يوم القيامة و (المجرمين) معناه

(1) سورة 71 نوح آية 13
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»
الفهرست