التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٥٧
في الآية، كانا في أيام النبي صلى الله عليه وآله حين قمع الله أعداءه وأعلا كلمته ونشر ولايته، واظهر دعوته، وأكمل دينه، ونعوذ بالله أن نقول: لم يمكن الله دينه لنبيه في حياته حتى تلا في ذلك متلاف بعده، وليس ذلك التمكين كثرة الفتوح والغلبة على البلدان، لان ذلك يوجب أن دين الله لم يتمكن بعد إلى يومنا هذا لعلمنا ببقاء ممالك للكفر كثيرة لم يفتحها المسلمون، ويلزم على ذلك إمامة معاوية وبني أمية، لأنهم تمكنوا أكثر من تمكن أبي بكر وعمر، وفتحوا بلادا لم يفتحوها.
ولو سلمنا أن المراد بالاستخلاف الإمالة للزم أن يكون منصوصا عليهم، وذلك ليس بمذهب أكثر مخالفينا، وإن استدلوا بذلك على صحة إمامتهم احتاجوا أن يدلوا على ثبوت امامتهم بغير الآية، وانهم خلفاء الرسول حتى تتناولهم الآية.
فان قالوا: المفسرون ذكروا ذلك.
قلنا: لم يذكر جميع المفسرين ذلك، فان مجاهدا قال: هم أمة محمد صلى الله عليه وآله.
وعن ابن عباس وغيره: قريب من ذلك.
وقال أهل البيت (ع) إن المراد بذلك المهدي (ع) لأنه يظهر بعد الخوف، ويتمكن بعد إن كان مغلوبا، فليس في ذلك اجماع المفسرين. وهذا أول ما فيه. قد استوفينا ما يتعلق بالآية في كتاب الإمامة، فلا نطول بذكره - ههنا - وقد تكلمنا على نظير هذه الآية، وان ذلك ليس بطعن على واحد منهم، وإنما المراد الممانعة من أن يكون فيها دلالة على الإمامة، وكيف يكون ذلك. ولو صح ما قالوه لما احتيج إلى اختياره، ولكان منصوصا عليه، وليس ذلك مذهبا لأكثر العلماء، فصح ما قلناه.
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست