التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٦٨
اخبر الله تعالى أن العصا حين صارت حية تسعى خاف موسى منها فقال الله له " خذها " يا موسى فانا " سنعيدها " إلى ما كانت أول شئ في يدك عصى. ومعنى " خذها " تناولها بيدك. و (الخوف) انزعاج النفس بتوقع الضرر، خافه خوفا، فهو خائف وذاك مخوف. وضد الخوف الامن، ومثل الخوف الفرغ والذعر، والإعادة رد الشئ ثانية إلى ما كان عليه أول مرة. ومثل الإعادة التكرير والترديد. والمعنى سنعيدها خلقتها الأولى، وقد يقال: إلى سيرتها. والسيرة مرور الشئ في جهة، من سار يسير سيرة حسنة أو قبيحة. وكان مستمر على حال العصا فأعيدت إلى تلك الحال. ونظير السيرة الطريقة. وقيل المعنى سنعيدها إلى سيرتها، فانتصب باسقاط الخافض.
وقوله " واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء " قيل في معناه قولان: أحدهما - إلى جنبك، قال الراجز:
أصمه للصدر والجناح (1) الثاني - إلى عضدك واصل الجنوح الميل، ومنه جناح الطائر، لأنه يميل به في طيرانه حيث شاء. والجنب فيه جنوح الأضلاع. واصل العضد من جهته تميل اليد حيث شاء صاحبها. وقال أبو عبيدة: الجناحان الناحيتان.
وقوله " تخرج بيضاء من غير سوء " اي من غير برص - في قول ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي والضحاك - وقوله " آية أخرى " قيل في نصبها قولان: أحدهما - على الحال. والاخر على المفعولية، اي نعطيك آية أخرى، فحذف لدلالة الكلام عليه، فالآية الأولى قلب العصا حية والأخرى اليد البيضاء من غير سوء. وقيل إنه امره ان يدخل يده في فمها فيقبض عليها، فادخل يده في فمها

(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست