بعض من يسوي الاخبار على مذهبه هذا الحديث بشيئين أحدهما ما رواه بإسناده عن بن علية أن بن جريج سأل الزهري عنه فأنكره ثم أسند عن أحمد وابن معين أنهما ضعفا رواية بن علية هذه قال فهذان إمامان قد وهنا هذه الرواية مع وجوب قبول خبر الصادق وإن نسي من أخبر عنه الثاني أن عائشة رضي الله عنها روى عنها ما يخالفه فروى من طريق مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال ومثلي يفتات عليه فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال إن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت لأرد أمرا قضيته فاستقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طلاقا انتهى وكذلك رواه مالك في الموطأ كما تراه قال البيهقي ونحن نحمل قوله زوجت أي مهدت أسباب التزويج وأضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك وإذنها فيه ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح قال ويدل على صحة هذا التأويل ما أخبرنا وأسند عن عبد الرحمن بن القاسم قال كنت عند عائشة يخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح وفي لفظ فإن النساء لا ينكحن قال إذا كان مذهبها ما روى من حديث عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد بقوله زوجت ما ذكرناه فلا يخالف ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والعجب من هذا المحتج بحكاية بن علية في رد هذه السنة وهو يحتج برواية الحجاج بن أرطاة في غير موضع وهو يردها ههنا عن الحجاج عن الزهري بمثله ويحتج أيضا برواية ابن لهيعة في غير موضع ويردها ههنا عن بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري بمثله فيقبل رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه ولا يقبل روايتهما مجتمعة إذا خالفت مذهبه ومعهما رواية ثقة قال البيهقي واحتج أيضا لمذهبه بتزويج عمر بن أبي سلمة أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال وليس فيه حجة لأنه لو كان جائزا بغير ولي لاوجبت العقد بنفسها ولم تأمر غيرها فلما أمرت به غيرها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها على ما جاء في بعض الروايات دل على أنها لا تلي عقد النكاح وقول من زعم إنه زوجها بالبنوة يقابل بقول من قال بل زوجها بأنه كان من بني أعمامها ولم يكن لها ولي هو
(٣٤٥)