شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ١٨٣
بأضعف ريش (1) ونلتك بأهون سعى. وأقسم قسما مبرورا إلا أوتى بك إلا في زمارة (2)، تمشى حافيا من أرض فارس إلى الشام حتى أقيمك في السوق، وأبيعك عبدا، وأردك إلى حيث كنت فيه وخرجت منه. والسلام.
فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا، وجمع الناس وصعد المنبر. فحمد الله ثم قال: ابن آكله الأكباد وقاتلة أسد الله، ومظهر الخلاف ومسر النفاق، ورئيس الأحزاب، ومن أنفق ماله في إطفاء نور الله كتب إلى يرعد ويبرق عن سحابه جفل لا ماء فيها، وعما قليل تصيرها الرياح قزعا، والذي يدلني على ضعفه تهدده قبل القدرة، أفمن إشفاق على تنذر وتعذر! كلا، ولكن ذهب إلى غير مذهب، وقعقع لمن ربى (3) بين صواعق تهامة، كيف أرهبه وبيني وبينه أبن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأبن أبن عمه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار، والله لو أذن لي فيه، أو ندبني إليه، لأريته الكواكب نهارا، ولأسعطته ماء الخردل. دونه الكلام اليوم، والجمع غدا، والمشورة بعد ذلك إن شاء الله. ثم نزل.
وكتب إلى معاوية: أما بعد، فقد وصل إلى كتابك يا معاوية وفهمت ما فيه، فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب، ويتعلق بأرجل الضفادع، طمعا في الحياة.
إنما يكفر النعم، ويستدعى النقم من حاد الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا.
فأما سبك لي فلو لا حلم ينهاني عنك، وخوفي أن أدعى سفيها، لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء. وأما تعييرك لي بسمية فإن كنت أبن سمية فأنت أبن جماعة، وأما زعمك أنك تختطفني بأضعف ريش، وتتناولني بأهون سعى، فهل رأيت بازيا يفزعه صغير

(1) بأضعف ريش، يريد بأضعف قوة، وكانوا يلزقون على السهم ليقووه ويستردوه. (2) أي في جماعة زمارة تزمر حولك لتشهيرك والتشنيع عليك.
(3) كذا في ا، وفى ب: (رئي).
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268