شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٣٠٥
في الحديد، واحبسوه في دار من دوركم، وتربصوا به أن يصيبه من الموت ما أصاب أمثاله من الشعراء وكان عتبة بن ربيعه سيد بنى عبد شمس ورئيسهم، وهم من بنى عبد مناف، وبنو عم الرجل ورهطه، فأحجم أبو جهل وأصحابه تلك الليلة عن قتله إحجاما، ثم تسوروا عليه، وهم يظنونه في الدار، فلما رأوا انسانا مسجى بالبرد الأخضر الحضرمي لم يشكوا انه هو، وائتمروا في قتله، فكان أبو جهل يذمرهم (1) عليه فيهمون ثم يحجمون ثم قال بعضهم لبعض ارموه بالحجارة، فرموه، فجعل على يتضور منها، ويتقلب ويتأوه تأوها خفيفا، فلم يزالوا كذلك في اقدام عليه وإحجام عنه، لما يريده الله تعالى من سلامته ونجاته، حتى أصبح وهو وقيذ (2) من رمى الحجارة، ولو لم يخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وأقام بينهم بمكة، ولم يقتلوه تلك الليلة، لقتلوه في الليلة التي تليها، وان شبت الحرب بينهم وبين عبد مناف، فان أبا جهل لم يكن بالذي ليمسك عن قتله، وكان فاقد البصيرة، شديد العزم على الولوغ في دمه.
قلت للنقيب أفعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام بما كان من نهى عتبة لهم قال لا، انهما لم يعلما ذلك تلك الليلة، وإنما عرفاه من بعد، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر، لما رأى عتبة وما كان منه (إن يكن في القوم خير ففي صاحب الجمل الأحمر). ولو قدرنا أن عليا عليه السلام علم ما قال لهم عتبة لم يسقط ذلك فضيلته في المبيت، لأنه لم يكن على ثقة من أنهم يقبلون قول عتبة، بل كان ظن الهلاك والقتل أغلب.
واما حال علي عليه السلام، فلما أدى الودائع، خرج بعد ثلاث من هجرة النبي

(1) يذمرهم: يحضهم.
(2) الوقيذ: المشرف على الهلاك.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317