شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٠ - الصفحة ٢٢٤
لها، وتدعوهم الضرورة إلى الذل لهم، والخضوع بين أيديهم. إما لدفع ضرر، أو لاستجلاب نفع، ودون هذه الطبقات من ذوي الاستحقاق أيضا، ما نشاهده عيانا من نجار حاذق أو بناء عالم، أو نقاش بارع، أو مصور لطيف، على غاية ما يكون من ضيق رزقهم، وقعود الوقت بهم، وقلة الحيلة لهم، ويرى غيرهم ممن ليس يجرى مجراهم، ولا يلحق طبقتهم، مرزوقا مرغوبا فيه، كثير المكسب طيب العيش، واسع الرزق. فهذا حال ذوي الاستحقاق والاستعداد. وأما الذين ليسوا من أهل الفضائل، كحشو العامة، فإنهم أيضا لا يخلون من الحقد على الدنيا والذم لها، والحنق والغيظ منها لما يلحقهم من حسد أمثالهم وجيرانهم، ولا يرى أحد منهم قانعا بعيشه، ولا راضيا بحاله، بل يستزيد ويطلب حالا فوق حاله.
قال: فإذا عرفت هذه المقدمة، فمعلوم أن عليا عليه السلام كان مستحقا محروما، بل هو أمير المستحقين المحرومين، وسيدهم وكبيرهم، ومعلوم أن الذين ينالهم الضيم، وتلحقهم المذلة والهضيمة، يتعصب بعضهم لبعض، ويكونون إلبا ويدا واحدة على المرزوقين الذين ظفروا بالدنيا، ونالوا مأربهم منها، لاشتراكهم في الامر الذي آلمهم وساءهم، وعضهم ومضهم، واشتراكهم في الأنفة والحمية والغضب والمنافسة لمن علا عليهم، وقهرهم، وبلغ من الدنيا ما لم يبلغوه، فإذا كان هؤلاء - أعني المحرومين - متساوين في المنزلة والمرتبة، وتعصب بعضهم لبعض، فما ظنك بما إذا كان منهم رجل عظيم القدر جليل الخطر كامل الشرف، جامع للفضائل محتو على الخصائص والمناقب، وهو مع ذلك محروم محدود، وقد جرعته الدنيا علاقمها، وعلته عللا بعد نهل من صابها وصبرها، ولقى منها برحا بارحا، وجهدا جهيدا، وعلا عليه من هو دونه، وحكم فيه وفى بنيه وأهله ورهطه من لم يكن ما ناله من الامرة والسلطان في حسابه، ولا دائرا في خلده، ولا خاطرا بباله، ولا كان أحد من الناس يرتقب ذلك له ولا يراه له. ثم كان في آخر الامر أن قتل هذا الرجل الجليل في
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 175 - ومن كلام له عليه السلام في معنى طلحة بن عبيد الله 3
2 ذكر ما كان من أمر طلحة مع عثمان 5
3 176 - من خطبة له عليه السلام في خطاب الغافلين فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي 10
4 جملة من أخبار علي بالأمور الغيبة 13
5 177 - من خطبة له عليه السلام يحذر فيها من متابعة الهوى، ثم يبين منزلته القرآن ويطلب متابعته، ثم يحث على الطاعة وحفظ اللسان 16
6 فصل في القرآن وذكر الآثار التي وردت بفضله 20
7 فصل في الآثار الواردة في شديد عذاب جهنم 35
8 فصل في العزلة والاجتماع وما قيل فيهما 37
9 فوائد العزلة 42
10 178 - ومن كلام له عليه السلام في معني الحكمين 55
11 كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص وهو على مصر 56
12 179 - ومن خطبة له عليه السلام يمجد الله ثم يحذر من الدنيا، ويذكر أن زوال النعم من سوء الفعال 58
13 180 - ومن كلامه له عليه السلام في تنزيه الله سبحانه، وقد سأله ذعلب اليماني: هل رأيت ربك؟ 64
14 181 - ومن كلام له عليه السلام في ذم أصحابه 67
15 182 - ومن كلام له عليه السلام في ذم قوم نزعوا للحاق بالخوارج 74
16 183 - من خطبة له في تنزيه الله وذكر آثار قدرته، ثم التذكير بما نزل بالسابقين، ثم أظهر أسفه على إخوانه الذين قتلوا بصفين، مع ذكر بعض أوصافهم 76
17 نوف البكالي 76
18 نسب جعدة بن هبيرة 77
19 نسب العمالقة 93
20 نسب عاد وثمود 94
21 نسب الفراعنة 94
22 نسب أصحاب الرس 94
23 عمار بن ياسر ونبذ من أخباره 102
24 ذكر أبي الهيثم بن التيهان، وطرف من أخباره 107
25 ترجمة ذي الشهادتين، خزيمة بن ثابت 108
26 ذكره سعد بن عبادة ونسبه 111
27 ذكر أبي أيوب الأنصاري ونسبه 112
28 184 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم الله وتمجيده، وذكر القرآن وما احتوى عليه، ثم بيان منزلة الإنسان في الدنيا والتخويف من عذاب الآخرة 113
29 نبذ وأقاويل في التقوى 121
30 طرف وأخبار 125
31 خطبة لأبي الشحماء العسقلاني 126
32 رأى للمؤلف في كتاب نهج البلاغة 128
33 185 - من كلام له في ذم البرج بن مسهر الطائي 130
34 186 - من كلام له عليه السلام في وصف المتقين 132
35 فصل في فضل الصمت والاقتصاد في المنطق 136
36 ذكر الآثار الواردة في آفات اللسان 138
37 ذكر الخوف وما ورد فيه من الآثار 146
38 ذكر بعض أحوال العارفين 161
39 187 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها المنافقين 163
40 188 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وذكر بعض صفاته 170
41 189 - من خطبة له عليه السلام يعظ فيها الناس ويحث على العمل الصالح قبل فوات الأوان 176
42 190 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها بعض مواقفه من الرسول صلى الله عليه وسلم 179
43 ذكر خبر موت الرسول عليه السلام 183
44 191 - من خطبة له عليه السلام فيها تمجيد لله وتعظيم له، وحث للناس على التقوى ووصف للإسلام وحال الناس قبل البعثة 188
45 اختلاف الأقوال في عمر الدنيا 195
46 192 - ومن كلام له عليه السلام يوصى أصحابه 202
47 فصل في ذكر الآثار الواردة في الصلاة وفضلها 205
48 ذكر الآثار الواردة في فضل الزكاة والتصدق 208
49 193 - ومن كلام له عليه السلام في شأن معاوية 211
50 سياسة علي وجريها على سياسة الرسول عليه السلام 212
51 كلام أبي جعفر الحسني في الأسباب التي أوجبت محبة الناس لعلي 223
52 سياسة علي وإيراد كلام للجاحظ في ذلك 227
53 ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها 232
54 194 - من كلام له عليه السلام، في الوعظ، وفيه استطراد لقصة صالح عليه السلام وثمود 261
55 قصة صالح وثمود 262
56 195 - من كلام له عليه السلام عند دفن سيدة النساء فاطمة عليها السلام 265
57 رسالة أبي بكر لعلي في شأن الخلافة رواية أبي حامد المروروذي 271