شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٦٠
قال نصر: جاء رجل إلى معاوية بعد انقضاء صفين وخلوص الامر له، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي عليك حقا، قال: وما هو؟ قال: حق عظيم! قال: ويحك ما هو! قال:
أتذكر يوما قدمت فرسك لتفر، وقد غشيك أبو تراب والأشتر، فلما أردت أن تستوثبه وأنت على ظهره، أمسكت بعنانك وقلت لك: أين تذهب! إنه للؤم بك ان تسمح العرب بنفوسها لك شهرين، ولا تسمح لها بنفسك ساعة وأنت ابن ستين! وكم عسى أن تعيش في الدنيا بعد هذه السن إذا نجوت! فتلومت في نفسك ساعة، ثم أنشدت شعرا لا أحفظه ثم نزلت! فقال: ويحك! فإنك لأنت هو! والله ما أحلني هذا المحل إلا أنت، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر، عن النخعي، عن ابن عباس، قال: تعرض عمرو بن العاص لعلى عليه السلام يوما من أيام صفين، وظن أنه يطمع منه في غرة فيصيبه، فحمل عليه علي عليه السلام فلما كاد ان يخالطه أذرى نفسه عن فرسه، ورفع ثوبه وشغر برجله، فبدت عورته، فصرف عليه السلام وجهه عنه [وارتث] (1)، وقام معفرا بالتراب، هاربا على رجليه، معتصما بصفوفه. فقال أهل العراق: يا أمير المؤمنين، أفلت الرجل! فقال أتدرون من هو؟ قالوا: لا، قال: فإنه عمرو بن العاص، تلقاني بسوءته، فصرفت وجهي عنه، ورجع عمرو إلى معاوية، فقال: ما صنعت يا أبا عبد الله؟ فقال:
لقيني على فصرعني، قال: أحمد الله وعورتك، والله إني لأظنك لو عرفته لما أقحمت عليه، وقال معاوية في ذلك:
ألا لله من هفوات عمرو * يعاتبني على تركي برازي

(1) من صفين.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303