شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢٠
ثم إن المعروف بجنكزخان - والناس يلفظونه بالراء وذكر لي جماعة من أهل المعرفة بأحوال التتر أنه " جنكز " بالزاي المعجمة - عن له رأى في النهوض إلى بلاد تركستان، وذلك أن جنكزخان هذا هو رئيس التتار الأقصين في المشرق، وابن رئيسهم، وما زال سلفه رؤساء تلك الجهة، وكان شجاعا عاقلا موفقا منصورا في الحرب، وإنما عن له هذا الرأي، لأنه رأى أن طائفة من التتار - لا ملك لهم - وإنما يقوم بكل فرقة منهم مدبر لها من أنفسها - قد نهضت فملكت بلاد تركستان على جلالتها غار من ذلك، وأراد الرياسة العامة لنفسه، وأحب الملك، وطمع في البلاد، فنهض بمن معه من أقاصي الصين، حتى صار إلى حدود أعمال تركستان، فحاربه التتار الذين هناك، ومنعوه عن تطرق البلاد، فلم يكن لهم به طاقة، وهزمهم وقتل كثيرا منهم، وملك بلاد تركستان بأجمعها، وصار كالمجاور لبلاد خوارزم شاه، وإن كان بينهما مسافة بعيدة، وصار بينه وبين خوارزم شاه سلم ومهادنة، إلا أنها هدنة على دخن.
فمكثت الحال على ذلك يسيرا، ثم فسدت بما كان يصل إلى خوارزم شاه على ألسنة التجار من الاخبار، وأن جنكزخان على عزم النهوض إلى سمرقند وما يليها، وأنه في التأهب والاستعداد، فلو داراه لكان أولى له، لكنه شرع فسد طرق التجار القاصدين إليهم، فتعذرت عليهم الكسوات، ومنع عنهم الميرة والأقوات التي تجلب وتحمل من أعمال ما وراء النهر إلى تركستان، فلو اقتنع بذلك لكان قريبا، لكنه أنهى إليه نائبه بالمدينة المعروفة بأوتران، وهي آخر ولايته بما وراء النهر، أن جنكزخان قد سير جماعة من تجار التتار، ومعهم شئ عظيم من الفضة إلى سمرقند، ليشتروا له ولأهله وبنى عمه كسوة وثيابا وغير ذلك.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303