شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٥
البارحة فنظر، إليه علي عليه السلام نظر، منكر ونادى منادى علي عليه السلام: أن اتعدوا للقتال، واغدوا عليه، وانهدوا إلى عدوكم. فكلهم تحرك إلا ربيعة لم تتحرك، فبعث إليهم علي عليه السلام: أن انهدوا إلى عدوكم، فبعث إليهم أبا ثروان، فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام يقرئكم السلام، ويقول لكم: يا معشر ربيعة، ما لكم لا تنهدون إلى عدوكم وقد نهد الناس؟ قالوا: كيف ننهد وهذه الخيل من وراء ظهرنا! قل لأمير المؤمنين: فليأمر همدان أو غيرها بمناجزتهم لننهد. فرجع أبو ثروان إلى علي عليه السلام، فأخبره فبعث إليهم الأشتر، فقال: يا معشر ربيعة، ما منعكم أن تنهدوا وقد نهد الناس - وكان جهير الصوت - وأنتم أصحاب كذا وأصحاب كذا!، فجعل يعدد أيامهم.
فقالوا: لسنا نفعل حتى ننظر ما تصنع هذه الخيل التي خلف ظهورنا، وهي أربعة آلاف! قل لأمير المؤمنين فليبعث إليهم من يكفيه أمرهم.
وراية ربيعة يومئذ مع الحضين (1) بن المنذر. فقال لهم الأشتر: فان أمير المؤمنين يقول لكم: أكفونيها، إنكم لو بعثتم إليهم طائفة منكم لتركوكم في هذه الفلاة، وفروا كاليعافير (2). فوجهت حينئذ ربيعة إليهم تيم الله والنمر بن قاسط وعنزة. قالوا: فمشينا إليهم مستلئمين مقنعين في الحديد، وكان عامة قتال صفين مشيا. قال: فلما أتيناهم هربوا وانتشروا انتشار الجراد فذكرت قوله ة " وفروا كاليعافير ". ثم رجعنا إلى أصحابنا وقد نشب القتال بينهم وبين أهل الشام، وقد اقتطع أهل الشام طائفة من أهل العراق، بعضها من ربيعة فأحاطوا بها فلم نصل إليها حتى حملنا على أهل الشام فعلوناهم بالأسياف، حتى انفرجوا لنا، فأفضينا إلى أصحابنا فاستنقذناهم، وعرفناهم تحت النقع بسيماهم وعلامتهم، وكانت علامة أهل العراق بصفين الصوف الأبيض قد جعلوه في رؤوسهم وعلى

(1) في الأصول: " حصين " بالصاد المهملة، تصحيف. وهو الحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي، كان من كبار التابعين، وانظر المؤتلف 87.
(2) اليعافر: جمع يعفور، وهو الظبي.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303